|
الصحافة الاستقصائية العربية

الصحافة الاستقصائية العربية: فقدان البيئة الحاضنة

تفتقر الصحافة الاستقصائية في الدول العربية الى مقومات البيئة الحاضنة التي توفر مقومات النجاح للعمل الاستقصائي، في ظل غياب تشريعات قادرة على حماية الصحافيين، وأهمها حق الوصول الى المعلومات، اذ ان هناك أهمية لإعطاء الصحافي حق الوصول الى المعلومة، لأنه من غير ذلك، يُدفَع الصحافي الى اتباع طرق ملتوية لكشف الحقيقة الى الجمهور

تفتقر الصحافة الاستقصائية في الدول العربية الى مقومات البيئة الحاضنة التي توفر مقومات النجاح للعمل الاستقصائي، في ظل غياب تشريعات قادرة على حماية الصحافيين، وأهمها حق الوصول الى المعلومات، اذ ان هناك أهمية لإعطاء الصحافي حق الوصول الى المعلومة، لأنه من غير ذلك، يُدفَع الصحافي الى اتباع طرق ملتوية لكشف الحقيقة الى الجمهور.

ولا تقتصر مقومات البيئة الناجحة على حق الوصول الى المعلومات فقط. ففضح المستور في ملف معين يجرّ الصحافي الاستقصائي الى المخافر، وتُرفع بحقه دعاوى قضائية، اضافة الى غرامات مالية ضخمة، بينما "الفاسد" في حال تم توقيفه، إمّا يُخلى سبيله بعد بضعة أيام، او تتم حلحلة الملف نتيجة التدخلات السياسية والمحسوبيات.

على عكس الصحافة الغربية، تفتقر الصحافة الاستقصائية العربية في كثير من الاحيان الى الاعتماد على المعلومات المسربة من قبل الموظفين العامين، الذين يسهلون عمل الصحافيين عبر كشف الفساد او المخالفات المرتكبة في المؤسسات العامة من أجل المصلحة العامة.

وكان تدعيم الصحافة الاستقصائية في الولايات المتحدة الأميركية مثلا، واضحا بعد قضية ووترغيت التي كشفت فيها صحيفة "الواشنطن بوست" الأميركية في العام 1972 عبر احد موظفي الـ "اف بي اي" تورط الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون في التجسس على المقر الانتخابي للحزب الديمقراطي المنافس وانتهت الحملة الصحافية باستقالة الرئيس.

ومنذ تلك اللحظة، بدأت تتطور فكرة الصحافة الاستقصائية إلى أن أصبحت عملاً له أصوله وهويته ومبادئ خاصة به، حتى أن أغلب الصحف الأميركية خصصت قسماً خاصاً بهذا النوع  الصحافي ودعمته بفريق من المحررين المعروفين بمهنيتهم.

غياب الإطار التشريعي

ويسمح هذا النوع من التشريعات للصحافيين الاستقصائيين في الوصول إلى المعلومات، بما فيها تلك التي لا تتيحه الإدارات والهيئات العامة، من خلال طلبات حصول على المعلومات بمقتضى القانون.

ويحق لهم كذلك حماية مصادر معلوماتهم، في حال حصلوا على معلومات هامة رفض أصحابها الإفصاح عن أسمائهم، وبالتالي عدم التعرض إلى الضغوط أو المضايقة أو الملاحقة القضائية.

وتقول غزواني انه من الضروري أن تتوفر، بالإضافة إلى هذه البيئة القانونية، بيئة مؤسسات تضمن إنفاذ هذه القوانين، على غرار هيئات النفاذ إلى المعلومات وهيئات مكافحة الفساد والقضاء  المستقل.

وبالتالي، يُعتبرغياب أو شبه  غياب هذه البيئة القانونية والمؤسساتية في المنطقة، تفسيراً واضحاً لغياب الصحافة الاستقصائية إلا في بعض الاستثناءات، والتي يتعرّض أصحابها إلى الكثير من الضغوط.

يبدو عدم توفر البيئة القانونية الناجحة لدعم الصحافة الاستقصائية في العالم العربي واضحاً، عند مراجعة الاطر التشريعية. لا وجود لقوانين حق الوصول للمعلومات وحماية كاشفي الفساد في معظم الدول العربية. وفي حال وجدت فهي إما تفتقر الى التطبيق أو انها تتعارض مع قوانين وتشريعات اخرى أو تعتمد القوانين على نصوص غير واضحة وتميل الى الغموض.

وتشير مديرة مكتب الشرق الاوسط وشمال أفريقيا في منظمة "المادة 19" سلوى غزواني لـ"مهارات ماغازين" الى ان الصحافة لا يمكن أن تزدهر بصفة عامة، والصحافة الاستقصائية بصفة خاصة، إلا في إطار بيئة قانونية ومؤسساتية تحمي حرية التعبير، والحق في النفاذ إلى المعلومة، وتحمي كاشفي الفساد والمبلّغين عنه.

قوانين الوصول الى المعلومات في العالم العربي

ففي الاردن مثلاً، هناك قانون حماية أسرار ووثائق الدولة رقم 50 لسنة 1971. وفي مصر يوجد قانون رقم 221 لسنة 1975 بشأن المحافظة على الوثائق الرسمية وتنظيم أسلوب نشرها. وتنص المادة 2 على انه: "لايجوز لمن اطلع بحكم عمله او مسؤوليته على معلومات لها صفة السرية تتعلق بالسياسات العليا للدولة أو الأمن القومي ان يقوم بنشرها أو إذاعتها اذا كان من شأن ذلك الاضرار بأمن البلاد".

كذلك، من أبرز التحديات التي تواجه الوصول الى المعلومات، ما يرتبط بالأمن القومي، حيث تعتمد الكثير من السلطات في البلدان العربية على ذريعة "الامن القومي" و"حماية السلم الاهلي" كمبرر لعدم تنفيذ القوانين المرتبطة بالوصول الى المعلومات.

أكدت شبكة أريج للصحافة الاستقصائية في تقرير حول "حق الحصول على المعلومات في العالم العربي" أن إقرار بعـض الدول لقوانين الحصول على المعلومات، كان نسقاً لتحسين صورتها السياسية داخل البلاد وخارجها، أو إرضاء للدول المانحة للمساعدات لقناعتها بضرورة إشراك المواطنين في اتخاذ القرار والرقابة على أعمال موظفيها.

ففي المغرب، جاء إقرار قانون الحق في الحصول على المعلومات لتسهيل انضمامها إلى شراكة الحكومة المفتوحة. وفي الأردن، وضع القانون لتحسين صورة البلاد فيما يتعلّق بحرية التعبير.

في المقابل، هناك عقبات وتحديات تواجه الوصول الى المعلومات أبرزها، قوانين السرية. فهناك ترسانة من قوانين السرية في الدول العربية. وتعد السرية أداة هامة بيد الإدارة البيروقراطية لتحصين نفسها من الرقابة الخارجية والداخلية.

اليمن

في عام 2012 صدر قانون الحصول على المعلومات في اليمن. وهدف القانون بحسب اسبابه الموجبة الى تعزيز مقومات الشفافية وتوسيع فرص المشاركة الواعية والمسؤولة، وان الوصول الى المعلومات حق من حقوق المواطن الاساسية.

لكن واجه هذا القانون تحديات في تطبيقه سواء كان في الجانب التشريعي او الجانب العملي. في الجانب التشريعي هناك قوانين اخرى متعارضة مع تطبيق هذا القانون، بالرغم من ورود مادة تؤكد ان القانون يلغي كل حكم يتعارض معه (المادة 64).

اما في الجانب العملي فهناك عدة تحديات تتمحور حول الثقافة السائدة حول سرية المعلومات لدى مؤسسات الدولة، ونقص الوعي وقلة الخبرة لدى الصحافيين والمواطنين للمطالبة بهذا الحق.

 

السودان

أقرت السودان عام 2015 قانون حق الوصول الى المعلومات بطريقة فجائية ومن دون مشاركة أصحاب المصلحة. واعتبر هذا القانون غير متوافق مع المعايير الدولية، حيث تعرض لإنتقادات عدة من الصحافيين ومنظمات المجتمع المدني.

وتنشأ بموجب هذا القانون مفوضية حق الوصول الى المعلومات، ويتم تعيين المفوض من الوزير المختص بتوصية من رئيس الجمهورية. وتخضع لإشراف الوزير وتتولى ضمان توفير المعلومات الى طالبيها في حدود القانون، اضافة الى النظر في الشكاوى المقدمة.

 

المغرب

جاء إقرار قانون الحق في الحصول على المعلومات في آذار/مارس 2018، ودخل حيز التنفيذ في آذار 2019. وحدد القانون الحق في الحصول على المعلومات الموجودة في حوزة الإدارات العمومية، والمؤسسات المنتخبة والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام.

ويستفيد من الحق في الحصول على المعلومات المواطنات والمواطنون وكل شخص أجنبي مقيم بالمغرب بصفة قانونية، وذلك تطبيقا لأحكام الاتفاقيات الدولية ذات الصلة التي صادقت عليها المملكة المغربية.

ويتحمل طالب الحصول على المعلومات، التكاليف التي يستلزمها، عند الاقتضاء، نسخ أو معالجة المعلومات المطلوبة وتكلفة إرسالها إليه.

وهناك مآخذ على القانون مرتبطة بالاستثناءات الواسعة أبرزها ما يتعلق بالسياسة النقدية أو الاقتصادية أو المالية للدولة، وحقــوق الملكية الصناعية أو حقوق المؤلف، وحقـوق ومصالح الضحايا والشهود والخبراء والمبلغين. واستثنيت أيضا المعلومات المتعلقة بجرائم الرشوة والاختلاس واستغلال النفوذ وغيرها، وسرية مداولات المجلس الوزاري ومجلس الحكومة، وسرية الأبحاث والتحريات الإدارية، ما لم تأذن بذلك السلطات الإدارية المختصة.

وبموجب القانون، تُستحدث لجنة الحق في الحصول على المعلومات تتولى ضمان حسن ممارسة الحق في الحصول على المعلومات، لجهة تلقي الشكاوى والقيام بكل ما يلزم للبت فيها، وتوضيح أهمية توفير المعلومات وتسهيل الحصول عليها للإدارات العامة، وإعــداد تقرير سنوي حول حصيلة أنشطتها.

لبنان

أقر قانون الحق في الوصول الى المعلومات في لبنان عام 2017. واعتبر خطوة كبيرة على صعيد تطوير القوانين اللبنانية من أجل تعزيز دولة القانون واعتماد مبادئ الشفافية في إدارة الشأن العام ومواكبة طروحات الاصلاح ومكافحة الفساد، وذلك من خلال تمكين المواطنين والجمعيات والصحافيين من الوصول الى مصادر المعلومات وإلزام الادارات العامة بالعلنية في كل أنشطتها  وقراراتها.

حتى الآن لا يبدو أن هذا القانون قد حقّق النتائج المرجوة منه. وذلك بسبب وجود عدة عراقيل أبرزها، التأخر باصدار مجلس الوزراء لمراسيم تطبيقية للقانون (صدرت مؤخرا)، والتأخر في تشكيل هيئة مكافحة الفساد (شكلت مؤخرا) المسؤولة عن النظر في الشكاوى المقدمة ضد الادارات التي ترفض تطبيق القانون.

يذكر ان القانون لا يقتصر على الاستجابة لطلب المعلومات المقدم من المواطنين والصحافيين، بل هناك مجموعة واسعة من الموجبات التي تقع على عاتق الإدارات، وهي مرتبطة بالنشر الحكمي للمعلومات من قبل الوزارات والمؤسسات العامة.

في السياق، أعدت مؤسسة مهارات دراسة حول قانون الحق في الوصول الى المعلومات تهدف الى الاضاءة على بنود هذا القانون ومعرفة مفاعيل اقراره، والبحث عن المعوقات التي تعترض تطبيقه، وعرض مدى تجاوب المؤسسات والادارات العامة مع أحكامه، فضلاً عن تقصّي استخدام الصحافيين لهذا القانون اذ أنه يزوّدهم بسلاح هام في ممارسة دورهم النقدي والرقابي للعب دور السلطة الرابعة المطلوب منهم.

أشارت الدراسة الى ان اقرار القانون هذا لم تستتبعه خطوات اجرائية لوضعه موضع التنفيذ الفعلي، كما أن الادارات العامة المشمولة بأحكامه ما تزال تتجاهله، فضلا عن أنه لم يدخل بعد في عادات الاعلاميين والمجتمع المدني لاستخدامه في آليات عملهم. وقد أظهر مسح المواقع الالكترونية للادارات العامة تجاهلها لما ينص عليه القانون حول ضرورة نشر بياناتها وتقاريرها السنوية.

تونس

صدر قانون "حق النفاذ الى المعلومة" رقم 22 في سنة 2016. ويتميّز هذا القانون عن القانون الاردني بأنه ينص على وجوب النشر الاستباقي للمعلومات، وليس فقط تزويد المعلومات الى طالبيها. كما لا يلزم طالب الوصول الى المعلومة بذكر الاسباب او المصلحة من الحصول على المعلومة ضمن طلب المعلومات.

وينص الفصل  السابع عشر من القانون على انه "اذا كان لمطلب النفاذ الى المعلومة تأثير على حياة شخص او على حريته، فيتعين على الهيكل المعني الحرص على الرد بما يترك أثراً كتابياً وبصفة فورية على ان لا يتجاوز ذلك 48 ساعة من تاريخ تقديم الطلب".

كما تم بموجب القانون تشكيل "هيئة النفاذ الى المعلومة" وتتكون من 9 اعضاء يشكلها مجلس النواب ولمدة ست سنوات غير قابلة للتجديد. وتنظر هذه الهيئة في الشكاوى المرفوعة اليها في مجال الوصول الى المعلومات، وقراراتها ملزمة.

الاردن

صدر قانون ضمان الوصول الى المعلومات رقم 47 لسنة 2007 كأول قانون من نوعه في العالم العربي.

وينص القانون على تشكيل مجلس للمعلومات يتولى ضمان تزويد المعلومات الى طالبيها ويتلقى شكاوى من يتم رفض طلباتهم، ويؤخذ على "مجلس المعلومات" عدم استقلاليته، وغياب تمثيل القطاع الخاص او منظمات المجتمع المدني فيه.

كما ان هناك ملاحظات اخرى على تطبيق القانون، وهي غياب آلية واضحة لتصنيف الوثائق الحكومية التي يجوز استثناؤها من الكشف، كما انه يعطي أولوية التطبيق للتشريعات النافذة وليس لقانون ضمان حق الوصول الى المعلومات، سواء صدرت هذه التشريعات في وقت سابق أو لاحق لإقرار القانون.

قوانين حماية كاشفي الفساد في الدول العربية

منذ ظهور تسريبات "ويكيليكس" و"وثائق بنما"، وصولاً إلى تسريبات إدوارد سنودن، تشهد الصحافة العالمية في السنوات الأخيرة تحولاً ملحوظاً في اعتمادها على تسريب المعلومات كمصادر من أجل خدمة المصلحة العامة. إذ أصبح شائعاً وجود تحقيقات وتقارير صحافية مستندة إلى وثائق مسربة أو مسروقة من قبل موظفين في المؤسسات العامة والاجهزة الأمنية. وبالتالي، تبرز أهمية وجود قوانين تحمي كاشفي الفساد، لا سيما ان هذه التسريبات تصب في خدمة المصلحة العامة.

وتُرجع مديرة مكتب الشرق الاوسط وشمال أفريقيا في منظمة "المادة 19" سلوى غزواني غياب كاشفي الفساد في المنطقة العربية مقارنة بالدول الديمقراطية الى غياب القوانين التي تحميهم باستثناء بعض الدول مثل تونس التي صادقت سنة 2017 على قانون يتعلق بالإبلاغ عن الفساد وحماية المبلغين.

وبالتالي، يتعرض كاشفو الفساد والمبلغون عنه إلى إمكانية الانتقام والتشفي والتعرض إلى ضغوط أو الطرد من العمل علاوة على الملاحقة القضائية.

وعلى خلاف البلدان الديمقراطية، يعتبر التبليغ عن الفساد مستهجناً في المجتمعات العربية. حيث يتم إعتباره وشاية وخيانة، ليصبح كاشفو الفساد والمبلغون عنهم عرضين للمحاسبة المجتمعية على ما قاموا به عوضاً عن تثمين دورهم.

وهنا لا بد من التعرف على الاطار القانوني لحماية كاشفي الفساد في العالم العربي:

تونس

صادق البرلمان التونسي على قانون حماية المبلغين عن الفساد في شباط/فبراير 2017، ويضبط القانون اجراءات الإبلاغ عن الفساد وطرق حماية المبلغين لمكافحة الفساد في القطاعين الخاص والعام.

ينصّ القانون على أن "يعاقب بالسجن من سنة إلى خمس سنوات، وبغرامة مالية تتراوح بين 500 دولار أميركي و2500 دولار، كل من تعمّد كشف هوية المبلّغ، بأيّ وسيلة كانت، بشكل مباشر أو غير مباشر. ولا يحول ذلك دون تسليط العقوبات التأديبية على كاشف الهوية إذا كان موظفاً عاماً.

ويعاقب من خمس سنوات إلى عشر، وبغرامة مالية تتراوح بين 500 دولار و5 آلاف دولار، في حال أدّى الكشف إلى إيقاع ضرر جسدي جسيم بالمبلغ أو أيّ شخص من الأشخاص المشار إليهم بالفصل 26 من هذا القانون".

كذلك، ينصّ الفصل 35 على أن "يعاقب بالسجن من ستة أشهر إلى سنتين كلّ من يلجأ إلى اتخاذ تدابير انتقامية أو الترهيب أو التهديد مباشرة".

اليمن

تعد الیمن من الدول السباقة في مجال إقرار حمایة قانونیة لأمن الشهود والمبلغین، حیث تناول قانون مكافحة الفساد رقم 36 لسنة 2006 هذه المسألة.

نصت المادة 24 من القانون ان على كل شخص علم بوقوع جریمة من جرائم الفساد الإبلاغ عنها إلى الهیئة أو الجهة المختصة مع تقدیم ما لدیه من معلومات حولها لتتولى دراستها للتأكد من صحتها واتخاذ الإجراءات القانونیة بشأنها وإلزام السلطات بالقیام بالتحریات والتحقق في جرائم الفساد المنشورة في الإعلام.

كما ألزم القانون الهیئة الوطنیة العلیا لمكافحة الفساد في المادة 27 بتوفیر الحمایة القانونیة والوظیفیة والشخصیة للشهود والمبلغین عن جرائم الفساد، إلا أنها أرجأت تحدید إجراءات الحمایة والتدابیر الخاصة بذلك إلى لائحة یتم وضعها في هذا الشأن.

المغرب

في المغرب تم فقط الاعلان عن نية وضع قانون لحماية المبلغين عن الفساد ولكن لا يوجد بعد اي نص. لكن هناك قوانين اخرى قد تساعد في حماية كاشفي الفساد. حيث، يركز القانون المغربي رقم 22-01 المتعلق بالاجراءات الجنائية على مسائل تتعلق بحماية الشهود ويكتفي بتوفير حماية محدودة للمبلغين.

كما تنص المادة 82-9 من قانون المسطرة الجنائية على حق الشخص الذي يقوم بإبلاغ السلطات عن الجرائم أن يطلب من وكيل الملك أو الوكيل العام أو قاضي التحقيق إعمال عدد التدابير، من بينها إخفاء هويته.

إستدعى هذا القصور في القوانين المغربية طلب الفريق البرلماني التابع لحزب العدالة والتنمية المغربي بضرورة توفير ضمانات أقوى للمبلغين عن الرشوة، حيث ان تعرض المبلغين للمضايقات يدفع الآخرين إلى الإمتناع على التبليغ، خصوصاً ضد الفاسدين في مواقع نفوذ قوية، واعتبر الفريق أن "المقاربة الحالية لا تنتج التبليغ إلا عن المرتشين الصغار، وليس المرتشين الكبار".

الأردن

عدّل الاردن قانون هيئة مكافحة الفساد في نيسان 2013، بما يكفل حماية المبلغين عن جرائم الفساد، ومن يدلون بشهاداتهم فيها او يقدمون الخبرة فيها من اي اعتداء او انتقام او ترهيب.

تنص المادة 23 من القانون ان تتولى هيئة مكافحة الفساد توفير الحماية اللازمة للمبلغين والشهود والمخبرين والخبراء في قضايا الفساد، واقاربهم  والاشخاص وثيقي الصلة بهم من اي اعتداء او انتقام او ترهيب محتمل.

اما المادة 24 من القانون فقد رتبت عقوبة على كل من يفشي معلومات متعلقة بهوية او أماكن وجود المبلغين او الشهود بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد عن سنة، وغرامة مالية لا تتجاوز 10 آلاف دينار اردني.

ونصت المادة 25 من القانون على  معاقبة كل من يعتدي على احد المبلغين عن الفساد بالحبس مدة لا تقل عن السنة، وفي حال استخدام القوة او التهديد بإشهار السلاح او اي وسيلة اكراه مادية اخرى، تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنتين وغرامة لا تزيد عن عشرة آلاف دينار.

الجزائر

يجد المتصفح للمنظومة القانونیة الجزائریة، انها تضمنت نصوصاً قانونیة توفر الحمایة للشهود والمبلغین عن الفساد، غیر أنه ینبغي التمییز بین مرحلتین أساسیتین، الفاصل بینهما هو القانون رقم 15-02الصادر في عام 2015، وهو معدّل ومتمّم لقانون الإجراءات الجزائیة.

قبل صدور هذا القانون كانت هناك نصوص قانونية توفر الحمایة الجنائیة للشاهد والمبلغ من بینها نص المادة 236 من قانون العقوبات، التي تنص على السجن لكل شخص دفع شخص آخر الى الإدلاء بإفادة غير صحيحة عبر الرشوة او التهديد.

كما تنص المادة 45 من القانون المتعلق بالوقایة من الفساد ومكافحته، على اقرار عقوبة لكل شخص یلجأ إلى الانتقام أو الترهیب أو التهدید بأي طریقة كانت ضد الشهود المبلغین عن الفساد.

وبصدور القانون رقم15-02، أضاف الفصل السادس منه 10مواد قانونیة من العقوبات والضمانات لحمایة الشهود،وبالرغم من أن المبلغین لم یأتِ ذكرهم في هذا التعدیل إلا أنهم یبقون مشمولین بنفس الحمایة المقررة للشهود والخبراء والضحایا.

لبنان

أقر مجلس النواب اللبناني قانون حماية كاشفي الفساد في تشرين الاول/اكتوبر 2018. ويتضمن القانون مجموعة من الإجراءات التي تساعد في حماية كاشفي الفساد.

 

أما أبرز محاور هذا القانون، فيمكن تلخيصها بالتالي:

1- الحماية الوظيفية والشخصية: عدم تعرّض الموظف للتهديد المباشر او غير المباشر، او نقله من وظيفة الى اخرى، بسبب تقديمه لادلّة عن جرائم فساد.

2- حوافز مالية: يستفيد الموظف او الشخص الذي يقدم دليلا على جريمة فساد، من نسبة مئوية من الاموال التي تحصّلها الدولة جراء الدليل المقدم. وهذا الامر يشجع على تقديم الأدلّة. كما يستفيد من يقدم معلومات عن جريمة فساد، في حال كان شريكا بها، من تخفيض عقوبات او حتى اعفاء من عقوبات.

3- تعديل قانون العقوبات بجريمة القدح والذم الواقعة على الموظف العمومي، والتي من شأنها تسهيل عملية الاعلام الاستقصائي الذي يتعرّض دائماً الى الملاحقة بجرم القدح والذم في حال تناوله لفساد وزير او موظف عام.

ولا يزال تطبيق هذا القانون مجمدا لعدة أسباب ابرزها التذرع بأن تطبيقه يحتاج الى مراسيم تطبيقية على غرار قانون حق الوصول الى المعلومات.