|
جرائم بحق الصحافيين

غياب المساءلة في الجرائم المرتكبة ضد الصحافيين - حسين الشريف

العدالة لن تتحقق في هذه الجرائم، الا عندما يُحال مرتكبوها الى القضاء العادل لينالوا جزاءهم، ويتم إنصاف الضحايا، وإنهاء الحصانة التي تعرض حياة الصحافيين لخطرٍ داهم وتهدد حرية الصحافة بشكل مباشر

"تشتّتت العائلة بعد قتل أيهم، تم تدمير بيوتنا في حرستا (قرب دمشق)، وتمت مطاردتنا في دمشق، لنضطر للجوء الى لبنان وبعدها تشتتنا كعائلة مرة اخرى في الاغتراب، وحتى اليوم لم نعرف أين دُفن أيهم".

بهذه الكلمات الثقيلة عليها، وصفت مريم الحلاق والدة أيهم غزول عضو "المركز السوري للإعلام وحرية التعبير" حال العائلة، إثر فقدان إبنها الذي قُتِل في نوفمبر/تشرين الثاني 2012 بعد القاء القبض عليه وتعذيبه في فرع الأمن العسكري التابع للنظام السوري.

وقُتل خلال الأعوام الأربعة عشر الماضية (2006 – 2019) قرابة 1200 صحافياً أثناء تأديتهم لعملهم في نقل الأخبار والمعلومات إلى الجمهور بحسب اليونسيكو، إذ يُقتل وسطياً صحافي كل أربعة أيام، ويفلت القاتل من العقاب في تسع حالات من أصل عشرة. وغالبية حالات الافلات من العقاب تحدث في المنطقة العربية، اذ تعد المكان الاكثر خطراً على الصحافيين.

وعلى الرغم من اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة، في دورتها الثامنة والستين التي انعقدت في عام 2013، القرار163/68،الذي أعلن يوم 2 تشرين الثاني/نوفمبر بوصفه "اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحافيين"، الا ان الجرائم المرتكبة بحق الصحافيين في إزدياد بشكل كبير في السنوات الاخيرة من دون الوصول الى المجرمين.

ويؤكد الصحافي بسام القاضي صديق الصحافي نبيل القعيطي في حيدث لـ"مهارات ماغازين" ان الاغتيال تسبب بترهيب عائلة القعيطي وتهجيرها من منزلها، كما تسببت التهديدات التي وصلت بعد ذلك بخوف الاصدقاء. يقول: "منذ اغتيال نبيل وانا اشعر اني مستهدف ولا اغادر المنزل"، مضيفاً: "نحاول الضغط على السلطات الامنية والسلطات في عدن من اجل اجراء تحقيق عادل، ولكن نلاقي صعوبة في الوصول الى الجهات صاحبة القرار من اجل الكشف عن قتلة القعيطي".

في ليبيا كما في اليمن، استهداف منظم من الجماعات الخارجة عن القانون للصحافيين الليبيين. الصحافي الليبي مفتاح بوزيد كان احد الذين اغتيلوا في العام 2014. كان بوزيد ورئيس تحرير جريدة برنيق من أنشط الصحافيين واشدهم تأثيراً. في الأشهر الأخيرة قبل اغتياله عُرف عنه ظهوره بشكل مكثف في وسائل الإعلام الليبية والعربية منتقداً بجرأة الجماعات الإسلامية في البلاد. وقد تم اغتياله في وسط بنغازي بثلاث رصاصات من قبل شخصين يستقلان سيارة، ثم لاذا بالفرار.

ويعتبر الصحافي معتز المجبري صديق بوزيد ان تأثير اغتياله على العائلة كان مدمراً. يقول: "زوجته وعائلته تستذكره الى الآن صباحا ومساء، ونحن كأصدقاء مفتاح بوزيد نقيم تأبيناً سنوياً له منذ ست سنوات، وأطلقنا جائزة مفتاح بوزيد للإبداع الصحافي بالتعاون مع وزارة الثقافة الليبية، وهو رجل ضحى بنفسه من اجل قضية وطن".

ويؤكد مدير "مركز الخليج لحقوق الانسان" خالد إبراهيم في حديث لـ"مهارات ماغازين" ان اليوم العالمي لمنع الإفلات من العقاب مهم جداً لتسليط الضوء على كل الجرائم المرتكبة ضد الصحافيين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ومن خلاله يجب المطالبة بإنهاء الحصانة وتحقيق المساءلة، التي تضمن حقوق الضحايا ومنها الحصول على العدالة.

لا يعد مستغرباً عدم رغبة أهالي الصحافيين القتلى في البلدان العربية من التحدث عن قضايا ابنائهم. فالقاتل لا يزال طليقاً، وتهديد الارواح ما زال قائماً. في العراق رفضت الكثير من عائلات الصحافيين القتلى، لا سيما الذين قتلوا في العام الحالي، من التحدث عن القضايا والمتابعة الجنائية للقتلة لان في ذلك خطراً مستمراً على من تبقى من العائلة، في ظل سيطرة مستمرة من قبل الميليشيات الخارجة عن سلطة الدولة.

والحال في مصر مشابه، لكن التهديد يأتي من قبل السلطة، حتى أن الصحافيين الذي هربوا من قبضة النظام المصري وباتوا من المقيمين في الخارج، رفضوا التحدث عما تعرضوا له من تعذيب وتنكيل. والسبب أن عائلاتهم لا تزال تحت قبضة السلطة في مصر.

لا يعد الوضع مختلفا في اليمن، فقتل الصحافيين متواصل، واخر القضايا اغتيال الصحافي اليمني نبيل القعيطي العامل مع وكالة الصحافة الفرنسية (فرانس برس) بالقرب من منزله في عدن في حزيران/يونيو 2020. في البداية، حاولت مجموعة من المسلحين الذين كانوا يرتدون ملابس عسكرية صدم القعيطي بسيارتهم لدى خروجه من منزله بحي دار سعد الواقع في الجهة الجنوبية من مدينة عدنرب، لكنه فرّ منهم راكضاً ليفتحوا عليه نيران أسلحتهم، فأصابوه بطلقات في رأسه وصدره ويده، حيث توفي وهو في طريقه إلى أحد المستشفيات المحلية.

تحقيق العدالة

وتضيف الحلاق: "حالياً نُعد ملفاً قضائياً لمحاسبة قتلة ابنائنا، الذين ظهرت صورهم بين صور المصور في سجون النظام المدعو قيصر بعد ان شكلنا "رابطة عائلات قيصر"، والتي تضم عائلات لشهداء ظهرت صور مفقوديهم بين صور قيصر".

في اليمن، اعتبر القاضي انه منذ اغتيال القعيطي لم تحقق العدالة بعد، ولا تعرف عائلة أيهم لماذا لم تتم ملاحقة الجناة، بالرغم من الكثير من الشواهد والادلة. والمشتبه بهم في القضية تم الافراج عنهم من السلطات الأمنية بشكل مثير للريبة. واضاف القاضي: "القعيطي ضحية صراع اقليمي ينفذ بأيادي يمنية. حيث، تم اغتياله بتحريض مباشر من بعض المحطات التلفزيونية الاقليمية".

في حين، يشير الصحافي معتز المجبري الى ان الاهداف التي دفع مفتاح بوزبد دمه في سبيلها تحققت بشكل كبير، بعد القضاء على الجماعات المتطرفة في بنغازي. ولكن حتى الان لم تعلن نتائج التحقيقات بشكل واضح للرأي العام، بالرغم ان هناك اكثر من جهة أمنية قالت إن قتلة بوزيد موجودون تحت قبضة السلطات الامنية. ويوضح المجبري انه "لم نبلّغ كعائلة او أصدقاء عن تفاصيل او اسماء القتلة، كما لم يتم تبليغنا بتفاصيل التحقيق، وبالتالي كعائلة وأصدقاء بوزيد بنظرنا لم تتحقق العدالة بعد بالنسبة الى موضوع القبض على الفاعلين ومحاسبتهم".

تبدو مسارات المحاسبة والمساءلة في الجرائم المرتكبة بحق الصحافيين، معطّلة في الكثير من البلدان العربية. يوضح مدير "مركز الخليج لحقوق الانسان" خالد إبراهيم ان العدالة لن تتحقق في هذه الجرائم، الا عندما يُحال مرتكبوها الى القضاء العادل لينالوا جزاءهم، ويتم إنصاف الضحايا، وإنهاء الحصانة التي تعرض حياة الصحافيين لخطرٍ داهم وتهدد حرية الصحافة بشكل مباشر.

حاولت عائلات الصحافيين الضحايا ملاحقة القتلة بكل السبل. تؤكد مريم الحلاق والدة الناشط أيهم غزول لـ"مهارات ماغازين" انه عندما تيقّنت من استشهاد أيهم بعد 5 ايام من اعتقاله من شدة التعذيب، بادرت الى التواصل مع منظمات حقوق الإنسان لتوثيق حالته كمثال عما يجري للناشطين في أقبية المعتقلات السورية، وشاركت في تقرير "حين تكلم الموتى"، الذي أصدرته "هيومن رايتس ووتش". وشاركت في رفع الدعوى الأولى التي رُفعت في اوروبا (برلين) ضد رؤساء فروع أمنية في النظام السوري. وكانت نتيجة الدعوى الاولى التي رُفعت ضد خمسة من رؤساء الفروع الأمنية، إصدار مذكرة توقيف بحقهم، وتم تسريب مذكرة التوقيف بجميل حسن رئيس فرع الجوية.

الاغتيالات وحرية الصحافة

"التصفية الجسدية للصحافيين والحقوقيين في ليبيا له تأثير سلبي على حرية التعبير والصحافة"، هذا ما يؤكده الصحافي معتز المجبري، معتبراً ان اغتيال بوزيد كان سلبياً على المشهد الصحافي بشكل عام، لكنه كان دافعاً للصحافيين المقربين منه لبذل جهود أكبر لإكمال مسيرته والوقوف بوجه السلبيات التي وقف بوجهها بوزيد.

أما الصحافي بسام القاضي فيشدد على ان اغتيال القعيطي كان له تأثيرا سلبيا على المشهد الصحافي في جنوب اليمن، واليمن عامة. لا سيما ان القعيطي كان مراسلا لوكالة الصحافة الفرنسية لمدة 5 سنوات، وثّق خلالها واقع الحرب والمجاعة وانتشار الأوبئة. وتسبب الاغتيال بإبتعاد الكثير من الصحافيين عن العمل الصحافي. وبالتالي، عدم نقل معاناة الشعب اليمني.

واقع الافلات من العقاب في البلدان العربية

العراق

يعد العراق واحداً من أسوأ البلاد لتكون صحافياً في العالم. ﻻ يزال العراق يشهد مقتل الصحافيين بصورة منتظمة. على الرغم من انتهاء الحرب الأهلية في العراق، قُتل الصحافيون دون عقاب للجناة، بما في ذلك خلال الاحتجاجات التي انتشرت في جميع أنحاء البلاد في تشرين الاول/اكتوبر 2019.

أبرز الجرائم التي حدثت مؤخرا كانت قتل المحلل السياسي هشام الهاشمي والصحافي في قناة "دجلة" أحمد عبد الصمد. كما قُتل سابقاًالصحافيان نامانج باباني، البالغ من العمر 40 سنة، وزوجته الصحافية لانه محمدي، البالغة من العمر 29 سنة، وطفلهما هانو البالغ من العمر ثلاث سنوات في سيارتهما في كردستان العراق بتاريخ 16 تشرين الاول/اكتوبر 2019. قدّم باباني برنامج (بلا حدود) على قناة "إن آر تي" التلفزيونية، في حين أن زوجته محمدي كانت تعمل مقدمة برامج لعدة سنوات في قناة "كوردسات" التلفزيونية. وعقد مدير شرطة محافظة السليمانية العميد آسو طه مؤتمراً صحافياً بتاريخ 17 تشرين الاول/اكتوبر2019، أعلن فيه أن باباني قد قام بإطلاق النار من مسدس تم العثور عليه في السيارة حيث قتل زوجته أولاً وابنه ثانياً ومن ثم قام بقتل نفسه واصفاً الحادثة بإنها مجرد "انتحار".

وفي السياق نفسه،أصيب مراسل قناة "السومرية" هشام وسيم إثر انفجار اسطوانة غاز مسيل للدموع في وجهه أثناء تغطيته لإحتجاجات تشرين في العراق، وفي اليوم التالي أصيب زميله المصور الفوتوغرافي علي جاسم أثناء المظاهرات.

وبتاريخ 22 تشرين الاول/اكتوبر2019أوصت لجنة التحقيق الحكومية بإجراء تحقيقات تأديبية وقضائية ضد الجناة المحددين، لكنهم وجدوا أنه لا توجد أوامر رسمية بفتح النار على الصحافيين والمتظاهرين.

 

 

سوريا

تعرض الصحافيون المواطنون في سوريا للقتل والسجن والخطف والنفي إلى الخارج. لقد عانى الكثيرون من مصائر مجهولة على أيدي جميع أطراف النزاع، وقُتل أكثر من 130 صحافياً واختفى تسعة آخرون على الأقل حتى اﻵن.

بتاريخ 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، قُتل المدافع عن حقوق الإنسان رائد فارس، والناشط الإعلامي حمود جنيد برصاص مجهولين  يحملون الأسلحة الرشاشة في مدينة كفرنبل الواقعة في منطقة يسيطر عليها المعارضون بالقرب من إدلب، شمال غرب سوريا. لقد كان رائد فارس، الذي أسس مركز الإعلام بكفرنبل، معروفاً باحتجاجاته السلمية ضد الحرب.

وقتلت الصحافية دليشان إيبش والصحافي هوكر فيصل محمد من وكالة "أخبار هاوار" في 12 و13 تشرين الاول/ اكتوبر 2017، على التوالي بعد إصابتهما في انفجار سيارة مفخخة بمنطقة أبو فاس في سوريا. توفيت أباش على الفور، بينما أصيب محمد بجروحٍ في رأسه في الانفجار وتوفي بالمستشفى في اليوم التالي.

كذلك قتلت الصحافية في صحيفة "صنداي تايمز" ماري كالفن في حمص مع المصور الصحافي الفرنسي ريمي أوشليك الذي فقد حياته الى جانبها بعد تعرضهم للقصف من قبل القوات السورية في 22 شباط/فبراير 2012. كانت ماري كولفين من ذوي الخبرة، وكانت مراسلة معروفة قامت بتغطية الصراعات العديدة في مختلف أنحاء العالم على مدى 30 عاماً، وترتدي غطاءً أسوداً مميزاً للعين بعد أن فقدت إحداها لجرحٍ بشظايا في سريلانكا عام 2001. وكان قد تم إختيارها لجائزة المراسل الأجنبي من بين جوائز الصحافة البريطانية 2010.

 بتاريخ 31 كانون الثاني/يناير 2019، أدانت محكمة أميركية حكومة الرئيس بشار الأسد المسؤولة عن القتل المتعمد وغير القانوني لكولفين في عام 2012، وأمرت الحكومة السورية بدفع أكثر من 300 مليون دولار كتعويضات لعائلتها. رغم أن القرار يجلب بعض التدابير لتحقيق العدالة في القضية، إلا أنه غير قابل للتنفيذ.

 

 

المملكة العربية السعودية

تؤكد المنظمات الحقوقية أن معظم الصحافيين المعارضين في المملكة العربية السعودية هم في السجن أو في المنفى، وقد قُتل بعضهم داخل المملكة، أو خارجها بشكل صادم.

لا توجد وسائل إعلام مستقلة في البلاد، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى إسكات المعارضة، بما في ذلك الصحافيون والمدافعون عن حقوق الإنسان، وحتى أولئك الذين يعملون في وسائل الإعلام الحكومية معرضون للخطر. فقد تعرض المدافعون عن حقوق المرأة الذين يكتبون أو يدونون أو يغردون على "تويتر" حول حقوق المرأة للسجن كجزء من حملة بدأت في عام 2018. 

وكان جمال أحمد خاشقجي، 59 عاماً، صحافياً وكاتباً معروفا في المملكة العربية السعودية، ومديراً عاماً سابقاً ورئيساً لتحرير قناة "العرب". كما شغل منصب محرر لصحيفة "الوطن"السعودية، فحولها إلى منصة للتقدميين السعوديين. كما كتب لقسم الرأي العام العالمي في جريدة "واشنطن بوست". وقد قُتل في القنصلية السعودية في اسطنبول، بعد أن دخل القنصلية في 2 تشرين الاول/اكتوبر 2018 للحصول عن الأوراق الخاصة بزواجه المرتقب. رفضت السلطات السعودية التعليق على مكان وجوده لأكثر من أسبوعين، وأدلت بتصريحات متناقضة حول ما حدث له.

في عام 2017، اختلف خاشقجي مع الحكومة حول تكتيكات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان المثيرة للجدل، حيث عمل ولي العهد على تعزيز سلطته، بما في ذلك اعتقال رجال الأعمال الأقوياء وأعضاء العائلة المالكة. كما منعت العائلة المالكة السعودية خاشقجي من الكتابة بعد أن انتقد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مما دفع خاشقجي إلى مغادرة السعودية إلى الولايات المتحدة في صيف عام 2017. وفي الآونة الأخيرة، كان خاشقجي ينتقد اعتقال العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان، بما في ذلك نشطاء حقوق المرأة.

 بعد تحقيق دام ستة أشهر، نشرت الدكتورة أغنيس كالامارد، مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بعمليات القتل خارج نطاق القضاء والإعدام التعسفي، تقريراً في 19 حزيران/يونيو 2019 توصل إلى أن "مقتل خاشقجي يعتبر جريمة قتل خارج نطاق القضاء تتحمل دولة المملكة العربية السعودية المسؤولية عنها".

وخلصت المقررة الخاصة إلى أن "هناك أدلة موثوق بها تستدعي المزيد من التحقيق في المسؤولية الفردية للمسؤولين السعوديين رفيعي المستوى، بما في ذلك ولي العهد"، لكن ولي العهد نفى أية معرفة مسبقة بالجريمة، وبدلاً من ذلك أمر باعتقال 19 شخصاً من المملكة قال إنهم مسؤولون عن الحادث، واتهم 11 شخصاً وحُكم بعقوبة الإعدام على خمسة أشخاص مسؤولين بشكل مباشر عن مقتل خاشقجي.

 

 

البحرين

يتعرض الصحافيون والمصورون الفوتوغرافيون في البحرين لخطر الإصابة أو الاعتقال أثناء العمل، مما يجعلها مهنة محفوفة بالمخاطر في بلد لم يعد فيه أي منفذ إعلامي مستقل، بعد إغلاق صحيفة "الوسط" في العام 2017.

 قتل المصور والصحافي أحمد إسماعيل حسن في الثانية والعشرين من عمره عندما أُطلقت عليه قوات الأمن البحرينية النار في 2012، خلال تغطيته الاحتجاجات والمسيرات والتجمعات في مختلف أنحاء البحرين.

ووجدت لجنة التحقيق المستقلة في البحرين (BICI) أن اثنين من الصحافيين لقيا حتفهما تحت التعذيب في الحجز في نيسان/ابريل 2011. وهما كريم فخراوي وزكريا راشد حسن العشيري.

 

 

مصر

لمصر تاريخ طويل في قمع وسائل الإعلام المستقلة في السنوات الأخيرة، وغالباً ما يواجه الصحافيون السجن أو المضايقات القضائية. خلال المظاهرات التي وقعت في عام 2013، فَقَد ستة صحافيين حياتهم، وقتل أكثر من ألف متظاهر في يوم واحد، وهو أحد أكثر الأيام دموية في تاريخ الاحتجاجات في جميع أنحاء العالم.

قتل الصحافي المصري أحمد عبد الجواد والمصور مصعب الشامي أثناء قيامهما بتغطية المظاهرات في القاهرة، في 14 آب/اغسطس 2013.

في ذلك اليوم، داهمت قوات الأمن المصرية والجيش اعتصام للمتظاهرين أحدهما في ساحة النهضة والأخرى في ميدان رابعة العدوية، مما أدى إلى مجزرة دموية. وقد توفي أحمد عبد الجواد، الذي عمل في صحيفة "الأخبار" اليومية المصرية، ومصعب الشامي، المصور الصحافي لشبكة "رصد الإخبارية" المستقلة، متأثرين بجراحهما جراء إصابتهما بأعيرة نارية أثناء تغطيتهما للاحتجاجات في ساحة رابعة العدوية.

 كما قُتلت حبيبة عبد العزيز، وهي صحافية مصرية في صحيفة "إكسبرس" الأسبوعية التي تتخذ من دبي مقراً لها. وقتل المصور البريطاني مع قناة "سكاي نيوز" ميك دين بنيران قناصة في نفس اليوم.

 

 

 

 

ليبيا

بدأت سلسلة اغتيال الصحافيين في ليبيا منذ بداية ثورة 2011، لكن اوجّها كان في عاميّ 2013-2014، حيث، تم اغتيال الصحافي مفتاح أبوزيد، رئيس تحرير صحيفة "برنيق"في بنغازي في 26 ايار/مايو عام 2014 على خلفية مناهضته لسيطرة الميليشيات المتطرّفة على المدينة. 

وكان "المركز الليبي لحرية الصحافة" وثّق العديد من حالات الاغتيال التي طالت الصحافيين خلال سيطرة المليشيات على البلاد ومنها: اغتيال الصحافية نصيب كرنافة والتي تعمل في الإذاعة المحلية في مدينة سبها جنوب ليبيا. ووجدت كرنافة في مقبرة بضواحي المدينة مع جثة سائقها وعليهما أثار تعذيب وحشية، وفقاً لتقرير الطب الشرعي. 

وفي آب/ اغسطس 2013 قتل المذيع في فضائية "ليبيا الحرة" عز الدين قصاد أثناء خروجه من أحد المساجد بمدينة بنغازي بالرصاص على يد مسلحين.

كما قتل الصحافي عبد الله بن نزهة في 19 كانون الثاني/يناير 2014 في مدينة سبها رميًا بالرصاص في فترة سيطرة الجماعات المسلحة على المدينة.

وضمن القائمة أيضاَ كان الإعلامي مفتاح القطراني، مدير شركة "الأنوار للإنتاج الإعلامي" في مدينة بنغازي، والذي قتل في نيسان/ابريل 2015 في مكتبه بعد تلقيه رصاصة قاتلة في الرأس على يد مسلحين.

 

 

لبنان

لبنان بلد آمن للصحافيين بشكل عام، حيث يتمتع ببيئة حرة نوعاً ما مقارنة مع البلدان العربية الاخرى، ولكن لاتزال هناك حالتان ذائعتا الصيت لإغتيال صحافيين بارزين دون عقاب منذ عام 2005.

أولها اغتيال ناشر ورئيس تحرير جريدة "النهار" اللبنانية  جبران تويني في 2005. حيث كان تويني معارضاً للوجود العسكري السوري في لبنان، اذ كتب مئات المقالات التي انتقد فيها هذا الوجود والتجاوزات التي تنتقص من سيادة لبنان واستقلاله. وتحوّل تويني الى أبرز وجوه المعارضة، حيث انخرط في لقاء "قرنة شهوان" المعارض في العام 2000، وأصبح أحد أهم أركانه.

وفي العام 2004، وغداة التمديد لرئيس الجمهورية إميل لحود، انخرط في لقاء "البريستول"،  ليصبح بعد فترة وجيزة أحد أبرز الداعين الى إقالة لحود وانسحاب القوات السورية من لبنان. وبعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14شباط/فبراير 2005، شارك بفاعلية في تنظيم انتفاضة الاستقلال، وبعد شهر تقريباً وتحديداً في14آذار/مارس، أطلق قَسَمه الشهير في ساحة الشهداء الذي ما زال يردده مئات الآلاف من اللبنانيين. وفي 29 ايار/مايو 2005، انتخب نائبا.

وقبل فترة قليلة من اغتيال تويني، تم اغتيال الصحافي سمير قصير، حيث كان كاتبا ايضا في جريدة "النهار". شكّلت مقالات قصير وافتتاحياته في جريدة "النهار" في نهاية التسعينات ومطلع الألفية الثانية أبرز ما كُتب في مواجهة الهيمنة السورية على لبنان وحكم الرئيس إميل لحود.

ونشر قصير عدة كتب منها كتابين بالعربية صدرا في العام 2004، "ديمقراطية سوريا واستقلال لبنان" و"عسكر على مين". اغتيل قصير بإنفجار قنبلة وضعت تحت سيارته أمام منزله.

لم توفر سلسلة الاغتيالات التي حدثت في العام 2005 احدا في لبنان، حيث تعرضت الاعلامية مي شدياق ايضا لمحاولة اغتيال، لم يكشف حتى الان عن الضالعين فيها. 

بدأت شدياق حياتها المهنية في "إذاعة صوت لبنان" أثناء الدراسة في الجامعة اللبنانية  في 1982، وفي 1985 عملت في المؤسسة اللبنانية للارسال، حيث اعتبرت أيضاً واحدة من المذيعين الرئيسيين للمحطة. عرفت بنقدها للهيمنة السورية على لبنان.

 

وفي 25 ايلول/سبتمبر 2005 تعرضت لمحاولة اغتيال، أصيبت على اثرها بجروح بليغة أدت الى بتر يدها وقدمها بعد وضع عبوة ناسفة في المقعد الامامي لسيارتها في منطقة جونية، وبعد الحادث ذهبت للعلاج في فرنسا مما أبعدها عن مهنة الإعلام. لكنها وجدت المجال لاكمال دراستها، اذ نالت درجة الدكتوراه في الصحافة من الجامعة اللبنانية.

كما لا بد من الاشارة الى خطف الصحافي اللبناني سمير كساب اثناء عمله في تغطية الاحداث السورية. حيث، خطف كساب من قبل جهات مجهولة في 15 تشرين الأول/أكتوبر 2013، في سوريا. ويعتقد أن "داعش" مسؤول عن عملية اختطافه مع فريق عمل شبكة "سكاي نيوز"، الذي يضم الصحافي الموريتاني اسحاق ولد مختار، والسائق السوري عدنان عجاج. ولا يزال مصير الثلاثة غير معروف حتى اليوم.

 

 

اليمن

أرخى الصراع في اليمن بظلاله على الصحافيين. وفقاً لإحصاء "مركز الخليج لحقوق الإنسان" وشركائه، لا يزال 13 صحافياً وعاملاً إعلامياً على الأقل في السجن في صنعاء، بينما قُتل آخرون أثناء العمل.

آخر الاستهدافات، كان اغتيال الصحافي اليمني نبيل القعيطي العامل مع وكالة الصحافة الفرنسية (فرانس برس) بالقرب من منزله في عدن في حزيران/يونيو 2020. كما قتل المصور في محطة "بلقيس" الفضائية عبد الله القادري، في منطقة قانية قرب الحدود بين محافظتي مأرب والبيضاء في وسط البلاد في 13 نيسان/ ابريل 2018، أثناء قيامه بتغطية للمعارك. كما جرح ثلاثة صحافيين آخرين.

 في 20 كانون الاول/ديسمبر 2016، توفي الصحافي الاستقصائي البارز محمد عبده العبسي في العاصمة اليمنية صنعاء في ظروف غامضة. وكان العبسي البالغ من العمر 35 عاما، يعمل كصحافي استقصائي مستقل ونشر العديد من التحقيقات المختلفة وعرف بمحاربته للفساد والمُفسدين في اليمن.  طالبت الاسرة بوقف الدفن والتشريح على خلفية تهديدات تعرض  لها بسبب تحقيق كان يعمل عليه بشأن شركات نفط مملوكة لزعماء الحوثيين. وتم تشريح الجثة بعد 18 يوماً من وفاته ونُقلت العينات إلى العاصمة الاردنية عمان لإجراء فحص السموم.

أكدت النتائج التي تم إصدارها في 5 شباط/فبراير 2017 أنه قُتل بسبب تعرضه لغاز سام، مما زاد من تعقيد واقعة وفاته. ودعت منظمات حقوق الإنسان إلى إجراء تحقيقات شفافة والكشف الكامل عن ظروف وفاته، لكن القضية لم تحل حتى الان.

 كما اغتيل الصحافي والناشط عبد الكريم الخيواني بتاريخ 18 اذار/ مارس 2015 في صنعاء. وقد أفادت مؤسسة حرية اليمن ان مسلحين على متن دراجة نارية أطلقوا الرصاص على الخيواني بعد مغادرته لمنزله، وعزت مصادر المنظمة غير الحكومية مقتله إلى "كتاباته الجريئة والشجاعة".