الانقسامات العراقية شكلت هاجسا للباحث الامني العراقي هشام الهاشمي حتى اللحظات الاخيرة التي سبقت اغتياله. في تغريدته الاخيرة قبل ساعة من اغتياله فندت أسباب هذه الانقسامات من المحاصصة والاحزاب المسيطرة وتنافس الاحزاب الدينية على المشهد العراقي.
صوت معتدل، حر، نقدي، داع للسلام وللهوية المدنية في وقت يعيد العراق بناء نفسه تم اسكاته باسلحة كاتمة للصوت. اغتيال يمتد تأثيره خارج حدود العراق. "اغتيال للمجتمع ولحرية التعبير“، توصيف دقيق لاغتيال الهاشمي أشار اليه رئيس جمعية أديان الذي ربطه بالهاشمي هاجس نشر قيم التنوع والمواطنة والحوار في منطقتنا العربية.
إسكات الهاشمي خطر على بيئة التنوع
واضاف ضو: "نشهد في لبنان تضييق على حرية الرأي في الفترة الاخيرة، على أمل ان لا تصبح التصفيات الجسدية جزء من التخاطب السياسي في لبنان كما العراق، لأنه اسوء ما يمكن ان يصل اليه مجتمع، وهو سيفتح ابواب الجحيم في لبنان".
لا بد من الاشارة الى ان البيئة المتنوعة والمعتدلة هي احدى مؤشرات حرية الرأي والتعبير، وبالتالي هناك خوف كبير على هذه البيئة بعد اغتيال الهاشمي بحسب ضو. ”هناك حاجة كبيرة لتبني مبدأ المواطنة الحاضنة للتنوع، ويجب ان يكون هنالك سعي الى بناء هذه المواطنة في المجتمعات الهشة كالعراق ولبنان. وأكد ضو ان المحافظة على ما تبقى من هذه المواطنة يأتي عبر حماية حرية التعبير وحقوق الانسان، اضافة الى نشر ثقافة الاختلاف بالرأي، وكذلك مواجهة كل قوى الظلام مثل داعش ومثيلاتها“.
لا يمكن قراءة اغتيال الباحث الامني والناشط العراقي هشام الهاشمي الا انه اسكات للاصوات المعتدلة في المنطقة العربية، بحسب رئيس جمعية "أديان" الاب فادي ضو. ”فاغتيال الهاشمي رسالة سوداء لكل المنطقة، وهي رسالة كاتم الصوت امام الكلمة، لا سيما انها تأتي في وقت يحاول المجتمع العراقي بناء ذاته بعد العديد من المراحل المؤسفة التي مر بها هذا البلد. وبالتالي، لا يمكن تفسير هذا الاغتيال سوى انه اغتيال للمجتمع ولحرية الرأي والتعبير“.
اما انعكاساته على العراق والساحات الشبيهة بالساحة العراقية كلبنان، رأى ضو ان هذا الاغتيال دليل على ارتفاع وتيرة التشنج لدرجة الوصول الى التصفيات، وهو إعدام لحرية الرأي والتعبير، وقراءته لا تقتصر على السياق العراقي فقط بل على مستوى المنطقة وصولا الى لبنان.
من هو الهاشمي؟
وبحكم إتقانه اللغة الإنجليزية، أصبح الهاشمي مرجعية لوكالات الأنباء ووسائل الإعلام الدولية.
وشغل الهاشمي عدة مناصب منها مدير برنامج الأمن الوطني ومكافحة الإرهاب في مركز آكد للدراسات والابحاث الإستراتيجية، ومستشار أمني لمرصد الحريات الصحافية العراقي، وعضو فريق مستشارين لجنة تنفيذ ومتابعة المصالحة الوطنية في مكتب رئيس الوزراء، وعضو اللجنة العلمية لمؤتمر بغداد لمكافحة الأرهاب، محاضر لمادة مكافحة الأرهاب في الأكاديميات الأمنية، وباحث زائر في مركز النهرين للدراسات الإستراتيجية.
اغتيال الهاشمي جاء إثر هجومٍ مسلح بواسطة إطلاق النار عليه داخل سيارته، أمام بيته بمنطقة زيونة في العاصمة بغداد مساء 6 تموز 2020 .
ولد الهاشمي في بغداد سنة 1973، وحصل على شهادة بكالوريوس في الإدارة والاقتصاد من الجامعة المستنصرية عام 1994.
وفي نهاية التسعينات أصبح الهاشمي مهتما بدراسة الجماعات الإسلامية، واكتسب خبرة قوية في هذا المجال جعلته أحد المراجع المهمة في العراق منذ ظهور تنظيم داعش 2014.
وعرف عن الهاشمي قربه من المجتمع المدني العراقي ونظرته المعتدلة، وجرأته في مناقشة القضايا الأمنية والسياسية في العراق، وصلاته الوثيقة مع الشباب المؤسس لحراك تشرين 2019. فضلا عن نشاطه الكبير وتأثيره على مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصا على "تويتر".