|
خالد درارني

السجن 3 سنوات للجزائري خالد درارني بتهمة "ممارسة حقه في الاعلام"

القيام بعملي كصحافي مستقل، وممارسة الحق في الإعلام". هكذا رد الصحافي الجزائري خالد درارني على اتهامات المحكمة. لم تصغ محكمة سيدي أمحمد في وسط الجزائر لذلك. وحكمت عليه في 10 آب/أغسطس الماضي بثلاث سنوات مع النفاذ بتهمة "التحريض على التجمهر غير المسلح والمساس بالوحدة الوطنية".

القيام بعملي كصحافي مستقل، وممارسة الحق في الإعلام". هكذا رد الصحافي الجزائري خالد درارني على اتهامات المحكمة. لم تصغ محكمة سيدي أمحمد في وسط الجزائر لذلك. وحكمت عليه في 10 آب/أغسطس الماضي بثلاث سنوات مع النفاذ بتهمة "التحريض على التجمهر غير المسلح والمساس بالوحدة الوطنية".

خالد درارني، صاحب الـ40 عاماً، هو مدير موقع "قصبة تريبون" ومراسل قناة "تي في 5 موند" الفرنسية ومنظمة "مراسلون بلا حدود" في الجزائر. كما أنه الصحافي الذي تمكن من انتزاع الاعتراف الشهير من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في حوار صحافي خلال زيارته إلى الجزائر في العام 2017، بجرائم الاستعمار الفرنسي في الجزائر. وبات درارني رمزاً للنضال لحرية الصحافة بعد اعتقاله في آذار/مارس 2020، بعد تغطيته لإحدى التظاهرات المعارضة للسلطة.

غطى درارني، وهو خريج العلوم السياسية، الحراك الذي عاشته الجزائر منذ شباط/فبراير 2019. وساهم في نقل صورة متوازنة عبر تغطية المسيرات المعارضة للنظام وتلك الموالية أيضا، في تحدٍّ واضح للضغوطات الكثيرة التي مورست عليه، ولم يقبل خلالها اي مساومة او تنازل، بحسب ما أكده مدير مكتب شمال أفريقيا لمنظمة "مراسلون بلا حدود" صهيب الخياطي لـ "مهارات ماغازين".

لم تكن التهم الموجهة الى درارني هي الاولى من نوعها بحق الصحافيين. فقد تم اتهام بعض الصحافيين أيضاً بالتحريض على الإنقسام في البلد وتهديد المصلحة الوطنية والعمل لصالح "جهات أجنبية". ويقبع في السجن منذ 24 حزيران/يونيو الصحافي عبد الكريم زغيلاش مدير إذاعة "ساربكان" التي تبث عبر الإنترنت من مدينة القسنطينة في شرق الجزائر. في حين، يقضي الصحافي بلقاسم جير عقوبة السجن ثلاثة أعوام بتهم انتحال صفة والابتزاز، كما جاء في الحكم الصادر بحقه في 28 حزيران/يونيو الماضي.

تخويف الصحافيين

ولفت شكيب درارني الى ان التعرّض لخالد لم يكن فقط عبر هذا الحكم القضائي، بل جاء بعد محاولات عدة جرت لتوقيفه والتحقيق معه في السابق من أجل تخويفه، حتى باتت هناك قناعة لدى خالد ان اعتقاله وتلفيق التهم له سيتم عاجلا أم أجلاً.

ورأى صهيب الخياطي الى ان هذا الحكم السياسي لم يكن موجهاً ضد خالد درارني، بل هدف الى ضرب النموذج الصحافي المستقل والمهني. ويعتبر تهديداً لقطاع الصحافة في الجزائر و"تخويفاً" للصحافيين.

وأضاف الخياطي: "هو حكم ضدّ حق الجزائريات والجزائريين في الإعلام، الذي نعتبره حقاً أساسياً من حقوق الإنسان. كما أنه ضرب لما شهدناه خلال أشهر طويلة من مطالبة الصحافيين وعموم الجزائريين بالديمقراطية، التي يُعتبر الحق في الصحافة الحرة والتعددية والمستقلة أحد أركانها الأساسية".

مثل درارني مرة أخرى يوم الثلاثاء 8 ايلول/سبتمبر الحالي أمام محكمة استئناف في العاصمة الجزائرية حيث طالب الادعاء بسجنه أربع سنوات. ومن المتوقع صدور قرار محكمة الاستئناف بخصوص درارني يوم 15 ايلول/سبتمبر الحالي.

وشكّل هذا الحكم مفاجاة على الصعيد الاعلامي الجزائري، فيما كانت المحاكمة تعد اختباراً لحرية الإعلام والتعبير في الجزائر، لاسيما بعد تزايد الملاحقات القضائية والإدانات بحق الصحافيين والمدونين والمعارضين السياسيين والناشطين في الحراك خلال الأشهر الماضية.

وقال شكيب، شقيق خالد درارني، في حديث لـ"مهارات ماغازين": "الحكم على خالد درارني هو رسالة للجزائريين مضمونها ان حرية التعبير والتظاهر في الجزائر ممنوعة".

خطوات تصعيدية

"الصدمة" كان العنوان الذي اختارته صحيفة "ليبرتي" (الحرية) الصادرة في الجزائر، كعنوان رئيسي لصدر صفحتها الأولى بحجم كبير، ولخّص إلى حد بعيد موقف الصحافيين والمهنيين من هذا الحكم القاسي الذي دفع إلى إطلاق عريضة وطنية للمطالبة بإطلاق سراح الصحافي خالد درارني، جاء فيها أن خالد "تهمته الوحيدة ممارسة عمله باحترافية كصحافي، حيث لم يخالف يوماً القوانين والقواعد العامة لأخلاقيات المهنة منذ بداية تغطيته للمسيرات الشعبية لحراك 22 شباط/فبراير 2019".

في السياق، قال الخياطي انه تم الاعلان عن تشكيل "اللجنة الدولية للدفاع عن خالد الدرارني"، كما شكلت المنظمات الجزائرية وعدد من المحامين والصحافيين والنشطاء لجنة وطنية اخرى للدفاع عن درارني.

وأكد الخياطي انه بعد تشكيل اللجنة الدولية بدأ الحشد الحقوقي والاعلامي لدعم درارني يتصاعد تدريجياً، وقد تمت دراسة الكثير من الخيارات التصعيدية حيث أنه من الواضح، من خلال الخطاب الرسمي، أن النظام الجزائري لا يريد مناقشة الأمر، ويحاول ضرب الصحافة المستقلة بقوة من خلال كسر رمزية خالد درارني.

من ناحية أخرى، يعمل فريق الدفاع على تقديم عريضة استئناف الحُكم، ويقومون بدور كبير في التعريف بالخروقات القانونية التي رافقت محاكمة درارني.

ولفت الخياطي الى ان "مراسلون بلا حدود" بدأت خطة للمناصرة بحملة عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وستتبعها خطوات عملية كثيرة بدعم من منظمات دولية أخرى ووسائل الإعلام العالمية.

إدانة دولية

تفاعلت قضية الحكم على  درارني من خلال تلقيها إدانات متعددة، حيث أخذت قضيته حيزاً لافتاً من الاهتمام المحلي والدولي، في أبعادها السياسية المتعلقة بالحريات وحرية التعبير والصحافة.

ووصفت منظمة "مراسلون بلا حدود" التي يمثلها درارني في الجزائر، الحكم بأنه "اضطهاد قضائي". وانتقد الأمين العام لمنظمة "مراسلون بلا حدود" كريستوف ديلوار الحكم الصادر بحق درارني على "تويتر"، قائلاً إنّه "اضطهاد قضائي واضح"، مضيفاً أن قرار المحكمة الممتثل "للأوامر" إنما "يفطر القلوب والعقول جراء طبيعته التعسفية والعبثية والعنيفة".

وطالبت منظمات مهنية وصحافية محلية ودولية بالإفراج عن درارني، بينها "العفو الدولية" و"مراسلون بلا حدود" و"الاتحاد الدولي للصحافيين".

 كما دعت "لجنة حماية الصحافيين" ومقرها نيويورك "السلطات الجزائرية إلى إطلاق سراح خالد درارني فوراً، خصوصاً أنه لا يوجد أي دليل على أنه فعل شيئاً آخر غير عمله كصحافي" كما جاء في البيان.

لا تغيير في الجزائر

وأوضح الخياطي انه كان هناك أمل في التغيير عندما تم تعديل الدستور في العام 2016، كما كان هناك أمل في التغيير عندما بدأ الحراك، ومع أول خطاب للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون. لكن "لا شيء تغير منذ سنوات، بل إن النظام عمل على التضييق أكثر على الصحافيين ووسائل الإعلام المستقلة. وقد أغلق المواقع الاخبارية الصحافية داخل الجزائر، في مقابل سكوته على مواقع التشهير التي تستهدف الصحافيين خاصة، وعموم النشطاء المدافعين عن الحريات".

وتعتبر عملية اتهام الصحافيين المستقلين بالعمالة والتخابر مع القوى الأجنبية، محاولة من السلطة لإفقادهم الدعم الشعبي وتشويه صورتهم لدى الجزائريين، وبالتالي، قتلهم رمزياً.