|
الافلات من العقاب

غياب التشريعات الضامنة لوقف الافلات من العقاب في العالم العربي

90% من القتلة الذين تلوثت أيديهم بدماء 1109 صحافياً قتلوا في جميع أنحاء العالم بين عامي 2006 و2018، لم تتم إدانتهم. وفي السنوات الخمسة الماضية، تزايدت نسبة جرائم القتل المرتكبة ضد الصحافيين بنسبة 18% عما كانت عليه في السابق.

90% من القتلة الذين تلوثت أيديهم بدماء 1109 صحافياً قتلوا في جميع أنحاء العالم بين عامي 2006 و2018، لم تتم إدانتهم. وفي السنوات الخمسة الماضية، تزايدت نسبة جرائم القتل المرتكبة ضد الصحافيين بنسبة 18% عما كانت عليه في السابق.

هذه الارقام المرعبة للإفلات من العقاب في الجرائم المرتكبة بحق الصحافيين، والتي وثقتها "اليونسكو" في تقرير لها أصدرته في 2019، وقعت رغم إعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة، في دورتها الثامنة والستين المنعقدة في عام 2013، القرار163/68، الذي أعلن يوم 2 تشرين الثاني/نوفمبر بوصفه "اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحافيين".

وقد حثّ القرار الدول الأعضاء على تنفيذ تدابير محددة لمكافحة ثقافة الإفلات من العقاب المتفشّية حالياً. وقد جرى اختيار هذا التاريخ إحياء لذكرى اغتيال صحافيَين فرنسيَين في مالي في 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2013.

وعُدّ هذ القرار مكملا لخطة عمل الأمم المتحدة بشأن سلامة الصحافيين ومسألة الإفلات من العقاب التي أقرها مجلس الرؤساء التنفيذيين في منظومة الأمم المتحدة للتنسيق في 12نيسان/أبريل 2012، بعد ان دعت وكالات الأمم المتحدة "الصناديق والبرامج للعمل مع دول الأعضاء لإيجاد بيئة حرة وآمنة للصحافيين والعاملين في وسائل الإعلام في حالات النزاع وعدم النزاع، وذلك بهدف تعزيز السلام والديمقراطية والتنمية في جميع أنحاء العالم".

وأدان هذا القرار جميع الاعتداءات وأعمال العنف المرتكبة ضد الصحافيين والعاملين في وسائل الإعلام. وحث الدول الأعضاء على بذل قصارى جهودها لمنع أعمال العنف ضد الصحافيين والعاملين في وسائل الإعلام، وكفالة المساءلة، وتقديم مرتكبي الجرائم ضد الصحافيين والعاملين في وسائل الإعلام إلى العدالة، وضمان وصول الضحايا إلى سبل الانصاف المناسبة.

كما دعا القرار الدول على تشجيع بيئة آمنة ومؤاتية للصحافيين، لكي يقوموا بعملهم باستقلالية ومن دون تدخّل حكومي.

واعتبر الامين العام السابق للامم المتحدة بان كي مون انه لا ينبغي أن يخاطر الصحافي في أي مكان بحياته من أجل تغطية الأخبار، "دعونا ندافع معاً عن الصحافيين، ونقف من أجل العدالة".

خطة عمل

تُعدّ ظاهرة الإفلات من العقاب من أخطر الممارسات التي من شأنها ترهيب الصحافيين، ودفعهم إلى عدم القيام بمهامهم طبقا للأخلاقيات الصحافية. وتُبرزهذه الظاهرة غياب التبعات القضائية تجاه مرتكبي الجرائم ضد الصحافيين. وقد صدرت من قبل الهيئات والمنظمات الدولية بعض خطط العمل في محاولة لدعم الجهود الدولية لتوفير بيئة آمنة للصحافيين حول العالم. وأبرز هذه الخطط هي:

خطة عمل الأمم المتحدة

خطة عمل الأمم المتحدة بشأن سلامة الصحافيين ومسألة الإفلات من العقاب، هي أول استراتيجية للأمم المتحدة لمعالجة هذه القضية. وقد وضعتها "اليونسكو" بالتشاور مع هيئات الأمم المتحدة الأخرى والمنظمات الحكومية الدولية والمنظمات غير الحكومية والنقابات المهنية والدول الأعضاء في اليونسكو. وقد أقرها الرؤساء التنفيذيون للهيئات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة، ومجلس الرؤساء التنفيذيين في الأمم المتحدة في شهر نيسان/أبريل من عام 2012.

ومنذ ذلك الحين، طلبت مختلف قرارات الأمم المتحدة تعزيز تنفيذها، ذلك ان خطة عمل الأمم المتحدة هي خارطة طريق عالمية يعتزم تكييفها مع الاحتياجات الوطنية بالتعاون مع مختلف الجهات الفاعلة ذات الصلة.

تهدف الخطة إلى تهيئة بيئة من الأمان والحرية للصحافيين والعاملين في مجال الإعلام، في أوضاع النزاع أو غيرها.

وتشمل إنشاء آلية تنسيق مشتركة بين وكالات الأمم المتحدة لمعالجة قضايا متعلقة بسلامة الصحافيين ودعم البلدان لتمكينها من وضع التشريعات والآليات المواتية لإرساء حرية الصحافة وحرية المعلومات، ودعم جهودها الرامية لتنفيذ القواعد والمبادئ الدولية القائمة بالفعل.

وتوصي الخطة بتعزيز الإجراءات الوقائية، بالتعاون مع الحكومات والمؤسسات الإعلامية والمؤسسات المهنية والمنظمات غير الحكومية، للقيام بحملات توعوية واسعة النطاق في إطار مجموعة من القضايا، مثلا الاتفاقيات الدولية الموجودة بالفعل، والمخاطر المتزايدة التي تسببها التهديدات الجديدة التي يتعرض لها العاملون في مجال الإعلام.

وتتضمن الخطة مجموعة من الإجراءات، التي تم تطويرها في استراتيجية التنفيذ، وهذه الإجراءات هي:

  • تعزيز دور الأمم المتحدة وعملها المعياري في إنهاء العنف ضد الصحافيين.
  • تمکین التنسیق بین هيئات الأمم المتحدة ومع المنظمات الحكومیة الدولیة الأخرى، والحكومات الوطنیة، ومنظمات المجتمع المدني، والمؤسسات الإعلامية، والنقابات المهنية والأوساط الأکادیمیة.
  • مساعدة الحكومات على تطبيق المعايير الدولية القائمة على المستوى الوطني، ووضع آليات لحماية الصحافيين.
  • بناء قدرات الصحافيين والهيئات القضائية وموظفي إنفاذ القانون والعسكريين على المعايير الدولية بشأن حرية التعبير، من خلال دعم البرامج والموارد التعليمية والتدريبية.
  • توعية الدول الأعضاء، الصحافيين، أصحاب وسائل الإعلام، وصانعي السياسات، بشأن الأخطار المتزايدة والتهديدات الناشئة التي يتعرض لها الإعلاميون والجهات الفاعلة الغير حكومية.
  • بناء شراكات مع مؤسسات أكاديمية لتوسيع نطاق البحوث المتعلقة بالقضايا الناشئة، فيما يتعلق بسلامة الصحافيين.
  • استخدام مؤشرات سلامة الصحافيين التي وضعها برنامج اليونسكو الدولي لتنمية الاتصالات لتقييم السياق في بلد أو منطقة معينة.
  • وضع أدوات لقياس سلامة الصحافيين استجابة لأهداف التنمية المستدامة.

معالجة خصوصية العنف ضد الصحافيات.

خطة عمل اليونسكو

تأتي خطة عمل اليونسكو بشأن سلامة الصحافيين ومسألة الإفلات من العقاب، نتيجة المناقشات التي جرت بصدد سلامة الصحافيين ومسألة الإفلات من العقاب، خلال اجتماع المجلس الدولي الحكومي للبرنامج الدولي لتنمية الاتصال، الذي عُقد في آذار/ مارس 2012.

وتنسجم هذه الخطة مع خطة عمل الأمم المتحدة بشأن سلامة الصحافيين ومسألة الإفلات من العقاب، التي أقرتها الأمم المتحدة في 13 نيسان/أبريل 2012.

وهدفت هذه الخطة الى تعزيز بيئة حرة وآمنة للصحافيين، سواء في أوضاع النزاع أو غيرها، وذلك بهدف تعزيز السلام والديمقراطية والتنمية.

مبادئ خطة العمل

- الشراكة مع الجهات المعنية في شتى أنحاء العالم، بما في ذلك مع منظمات وطنية وإقليمية أخرى، في تنفيذ برامج لتطوير وسائل الإعلام، وفي حملات التوعية والإجراءات الرامية إلى تعزيز سلامة الصحافيين من خلال منع العنف ومكافحة الإفلات من العقاب.

- تعزيز نهج مراعاة التوازن الجندري في العمل من أجل سلامة الصحافيين، بما يشمل سلامة الصحافيات.

- تعزيز آليات التعاون بين بلدان الجنوب، مع التشديد على الأولوية لأفريقيا، وذلك تماشياً مع القرار المتعلق بسلامة الصحافيين ومزاولي مهنة الإعلام في أفريقيا الذي اعتمدته مفوضية الاتحاد الأفريقي في 12 ايار/ مايو 2011.

- التعاون مع الدول الأعضاء لوضع تشريعات وبرامج وآليات لحماية الصحافيين تقوم على أساس الاحتياجات والتحديات المحلية، ولدعم تطبيق المعايير الدولية السارية، على المستوى الوطني. وتبادل المعلومات عن بناء القدرات وعن الممارسات الجيدة الرامية في مختلف البلدان إلى حماية الصحافيين، وعن التدابير الرامية إلى حماية المدافعين عن حقوق الإنسان والتي يمكن العمل بها، عند الإمكان، حين تكون ملائمة للوضع.

- العمل مع مؤسسات منظومة الأمم المتحدة وفق مهامها وصلاحياتها ومزاياها النسبية، في تعزيز التعاون وتنسيق الإجراءات العملية وإعداد أنشطة مشتركة جديدة، إضافة إلى توجيه التنسيق العام لتنفيذ خطة عمل الأمم المتحدة المتعلقة بسلامة الصحافيين ومسألة الإفلات من العقاب.

التشريعات العربية ومنع الافلات من العقاب

أصدرت اليونسكو عدة نصوص بخصوص حماية الصحافيين ومحاربة الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضدهم. في هذا الإطار صدرتفي العام 1997 عن منظمة اليونسكو التوصية عدد 29 بعنوان "إدانة الاعتداءات على الصحافيين" تطلب من خلالها الدول بالقيام بتنقيح تشريعاتها الوطنية باتجاه تكريس مبدأ عدم تقادم الجرائم المرتكبة ضد الصحافيين".

وعلى عكس هذه التوصيات الدولية، تتضمن التشريعات في الكثير من البلدان العربية قوانينا تهدد سلامة الصحافيين، وتشجع على الافلات من العقاب في الجرائم المرتكبة ضدهم.

تونس

وبالتالي فإنه يمكن لمرتكبي الجرائم ضد الصحافيين تجنّب العقوبات بواسطة التقادم، الأمر الذي يعتبر متعارضا مع المعايير الدولية.

من جهة ثانية، نصت مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية في صلب الفقرة 7 من الفصل 5 على إمكانية إحالة غير العسكريين (كالصحافيين) أمام القضاء العسكري حيث جاء فيها "تختص المحاكم العسكرية في جرائم الحق العام المرتكبة ضد العسكريين أثناء مباشرتهم للخدمة أو بمناسبتها". كما يعتبر الفصل 91 من نفس المجلة متعارضا مع المعايير الدولية ذلك أنه بالإمكان توظيفه لمحاكمة الصحافيين والمدوّنين التّونسيّين أمام القضاء العسكري.

يتضمّن التشريع التونسي عدة أحكام قانونية من شأنها محاربة الإفلات من العقاب بصورة عامة. ويمكن أن نذكر في هذا السياق الأحكام الدستورية كالفصل 23 الذي يمنع سقوط عقوبة الإعدام بالتقادم عبر الزمن أو الفصول 102 وما بعد المكرّسة لاستقلالية القضاء والضمانات المتعلقة بالقضاة.

كما نجد جملة من الأحكام المتعلقة بحماية الصحافيين صلب الفصول 11 وما بعد من المرسوم عدد 115 لسنة 2011 المتعلق بحرية الصحافة والطباعة والنشر كمنع عرقلتهم عن أداء مهامهم وتجريم الاعتداءات الواقعة عليهم بمناسبة أدائهم لعملهم.

إلا أن التشريع التونسي لا يزال يشكو بعض النقائص. من ناحية أولى، وبالرجوع للقانون التونسي، نلاحظ أن الاعتداءات المرتكبة ضد الصحافيين من شأنها أن تسقط بالتقادم حيث نص الفصل 5 من مجلة الإجراءات الجزائية على سقوط الدعوى العمومية بعد مرور فترة زمنية معينة تتراوح من سنة إلى 10 سنوات بحسب نوع الجريمة.

البحرين

يحتوي قانون الصحافة البحريني الحالي "قانون تنظيم الصحافة والطباعة والنشر" الصادر في 2002 على ما يقل عن 6 مواد تنصّ على عقوبات جنائية في حق الصحافيين وتشمل حبسهم. كما يتجاهل التطرق إلى أية تشريعات تتصل بمجالي الإعلام المرئي والمسموع. ما يسهل ذلك عملية احتكار الدولة لهذين اللونين من النشاط الإعلامي.

كما استحدثت البحرين خلال العام 2014 قانوناً يعاقب من يتهم بإهانة الملك علانية بالسجن لمدة تصل إلى سبع سنوات. وقد تم استخدام هذا القانون بشكل مستمر لمعاقبة نشطاء الإنترنت والصحافيين إلى جانب قانون "التجمهر"، الذي تستخدمه السلطات لسجن المصورين ومنعهم من تغطية انتهاكات السلطة ضد المحتجين. وهو الأمر الذي تسبب في ارتفاع عدد حالات الاستهداف ضد الصحافيين.

العراق

تواصل السلطات استخدام قوانين مبهمة الصياغة في جميع أنحاء العراق، بما في ذلك سلطات إقليم كردستان العراق، والتي تسمح للمدعين العامين بتوجيه تُهم جنائية ضد الآراء التي لا تعجبهم. وتستخدم السلطات في المناطق التي تسيطر عليها كل من الحكومة الإتحادية و"حكومة إقليم كردستان" المحاكمات بموجب هذه القوانين لإخافة الصحافيين والنشطاء والأصوات المعارضة الأخرى، وإسكاتهم في بعض الحالات.

وقد مكّنت مجموعة من القوانين التي تعود إلى ما قبل عهد صدام حسين وبعد انتهائه في 2003، السلطات من اتخاذ إجراءات قانونية ضد منتقديها، وذلك باستخدام أحكام التشهير والتحريض في قانون العقوبات وقوانين أخرى.

ينص قانون العقوبات العراقي، الذي يعود تاريخه إلى 1969 والذي خضع إلى تعديلات طفيفة على مر السنين، بما في ذلك بعضها في 2008، على العديد من جرائم التشهير الفضفاضة التي تقيّد حرية التعبير مثل إهانة "الأمة العربية" أو أي مسؤول حكومي، بغضّ النظر عما إذا كان الكلام صحيحا.

واعتمدت السلطات أيضا على أحكام قانون العقوبات، التي لا تتعلق مباشرة بالتعبير لإسكات الأفراد، بما في ذلك دخول منطقة عسكرية بطريقة غير مشروعة، وتكدير الأمن العام والإضرار بالمصالح العامة.

كما، يتم مناقشة مشروع "قانون جرائم المعلوماتية"، الذي عرضته لجنتان برلمانيتان على البرلمان في 12 كانون الثاني/يناير 2019، ويمكن ان يقوّض هذا القانون الحق في حرية التعبير في العراق.

تُجرم العديد من مواد مشروع القانون استخدام أجهزة الحاسوب فيما يتعلق بمجموعة واسعة من الأنشطة المُعرّفة بطريقة فضفاضة، والكثير منها غير منظَّم حاليا. مثلا، تفرض المادة 3 عقوبة بالسجن تصل إلى المؤبد وغرامة كبيرة على كل شخص يستخدم الحاسوب وشبكة المعلومات عمدا بقصد: "المساس باستقلال البلاد ووحدتها وسلامتها أو مصالحها الاقتصادية أو السياسية أو العسكرية أو الأمنية العليا" أو "الاشتراك أو التفاوض أو الترويج أو التعاقد أو التعامل مع جهة معادية بأي شكل من الأشكال بقصد زعزعة الأمن والنظام العام أو تعريض البلاد للخطر."

كذلك، تستخدم سلطات إقليم كردستان أيضا القوانين النافذة في إقليم كردستان العراق لملاحقة وتهديد الصحافيين، بما في ذلك قانون منع إساءة استعمال أجهزة الاتصالات. حيث، تُجيز المادة 2 من هذا القانون فرض عقوبات السجن والغرامات، من بين أمور أخرى، بسبب إساءة استخدام الهاتف الخلوي والبريد الإلكتروني (أو الإنترنت بشكل أوسع) للتهديد أو السب أو نشر أخبار كاذبة أو تسريب محادثات أو نشر صور منافية للأخلاق والآداب العامة أو القيام بأي أفعال أخرى قد تخدش الشرف أو تحرّض على ارتكاب جرائم أو نشر معلومات خاصة ولو كانت صحيحة.

ولا يُعرِّف القانون أياً من المصطلحات الواردة في المادة، كما أنه لا يقدم أي تفاصيل عن عمليات الترخيص والإذن.

اليمن

في اليمن تستخدم جريمة "التجسس" في المادة 281 من قانون العقوبات كتهديد لسلامة الصحافيين، وتنص هذه المادة على ان "من دخل أو حاول الدخول إلى مكان محظور، بقصد الحصول على أشياء أو وثائق أو على سلامة الدولة عوقب بالحبس سنة على الأقل، وإذا سعى لمعلومات يجب أن تبقى سرية بقصد التجسس، فيحكمبالسجن بالأشغال الشاقة المؤقتة".

وتم تشديد هذه العقوبة بالاستناد الى المادة 257 من قانون العقوبات لتتحول الى الاعدام، كما في حالة الصحافيين الاربعة المحكومين بالاعدام من محكمة صنعاء، وهم أكرم الوليدي، عبد الخالق عمران، حارث حميد، وتوفيق المنصوري، بتهمة "التجسس لصالح المملكة العربية السعودية"، و"بث الشائعات وتلفيق الاخبار ونشر بيانات لدعم دولة معادية". 

مصر

لا يوفر قانون تنظيم الصحافة المصري الصادر في 2018 البيئة الآمنة للعمل الصحافي، بل في كثير من الاحيان يسهل التعدي عليهم وحبسهم من قبل الاجهزة الامنية.

تضمن القانون عددا من المواد التي تضع قيودا على العمل الصحافي، مثل المادة 12، والتي تنص على أن "للصحافي أو الإعلامي في سبيل تأدية عمله الحق في حضور المؤتمرات والاجتماعات العامة، وإجراء اللقاءات مع المواطنين، والتصوير في الأماكن غير المحظور تصويرها، وذلك كله بعد الحصول على التصاريح اللازمة في الأحوال التي تتطلب ذلك". حيث يتطلب من الصحافي الحصول على تصريح للقيام بعمله في كل مرة، ولا تعد الهوية الصحافية في حد ذاتها تصريحاً بمزاولة العمل الصحافي، وبذلك يصبح متابعة حدث طارئ غير محدد موعده سلفا أمرا مستحيلا على أي صحافي.

وفضلا عن القيود التي يضعها القانون على عمل الصحافي، فإنه ينزع عنه الحماية ضد الحبس، فتضع المادة 29 من القانون الصحافي تحت طائلة الحبس بسبب عمله، في "الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف أو التمييز بين المواطنين أو بالطعن في أعراض الأفراد"، وهي تعبيرات بطبيعتها مطاطة ومرنة وقابلة للتأويل.

لبنان

بالرغم من ان الدستور اللبناني يكفل حرية إبداء الرأي "ضمن دائرة القانون"، والمادة 19 من "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، والذي صادق عليه لبنان في 1972، تنص على أن "لكل إنسان حق في حرية التعبير".

مع ذلك، تستخدم بعض المواد في القوانين لملاحقة وحبس الصحافيين، وأبرزها استخدام مواد القدح والذم في قانون العقوبات اللبناني (المواد 582 و584 و386 و388) ضد الموظفين العموميين، وتجيز هذه المواد الحبس حتى سنة واحدة. كما يجيز الحبس حتى عامين بتهمة تحقير الرئيس أو العلم أو الشعار الوطني.

كذلك، يحظر قانون القضاء العسكري تحقير العلم أو الجيش، وهي جريمة يعاقَب عليها بالحبس لمدة تصل إلى ثلاث سنوات.

مخطط ثلاثي الأبعاد

صدرت سنة 2017 عن منظمة "Article 19" (المادة 19) دراسة بخصوص التوصية رقم 2/33 الصادرة عن مجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة المتعلقة بسلامة الصحافيين. وورد في الدراسة المذكورة أن مسألة محاربة الإفلات من العقاب تحتاج إلى مخطط ثلاثي الأبعاد يتمثل في: الوقاية، الحماية، والإحالة على القضاء.

وأبرزت الدراسة في مرحلة أولى جملة الإجراءات والتدابير الواجب اتخاذها من طرف الدول والفاعلين في مجال حرية التعبير لمحاربة الإفلات من العقاب عن الجرائم المرتكبة ضد الصحافيين.

الحماية

تشكّل التدابير الحمائية وسائل ضرورية لمحاربة الإفلات من العقاب. وتتمثل بالأساس في:

  • إحداث وحدة أمنية داخل وزارة الداخلية مختصة بالبحث في جرائم العنف ضد الصحافيين حتى يتمكّن المدونون والصحافيون في وضعية خطرة من النفاذ إليها بسهولة والتمتع بتدابير حمائية ملموسة.
  • إحداث آليات رصد لتوثيق الاعتداءات وجمع المعلومات الضرورية، التي من شأنها أن تمكّن من إعداد دورات تدريبية موجهة خصيصا للفئات المتسببة بأكبر قدر في تفشي ظاهرة الإفلات من العقاب.

    الإحالة على القضاء

ترتبط فعّالية هذه المرحلة بمدى اتخاذ تدابير وقائية وحمائية تهدف إلى حماية الصحافيين من الانتهاكات وتتبع مرتكبيها.

  • التحقيق: ينبغي على الدول القيام بتحريات محايدة، سريعة، معمقة ومستقلة بهدف تحديد المسؤوليات وتكييف أنواع الانتهاكات من تهديدات واعتداءات على الصحافيين.
  • المحاكمة: يتعيّن على الدول محاكمة مرتكبي الاعتداءات ضدّ الصحافيين وأيضا كل من خطّط وأصدر الأوامر لارتكابها وتطبيق العقوبات الكفيلة بردعهم.

الوقاية

لا تقل التدابير الوقائية أهمية عن الإجراءات المتعلقة بإحالة مرتكبي الانتهاكات تجاه الصحافيين على القضاء. ولذلك يتعيّن وضع إجراءات وقائية لمعالجة الأسباب الدافعة لارتكاب أعمال عنف ضد الصحافيين، ولقد وردت جلّها في نصوص ووثائق دولية صادرة عن منظمات دولية مثل مجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدةأو منظمة اليونسكو،وأيضا المنظمات غير الحكومية كمنظمة المادة 19.

وتتمثل الإجراءات الوقائية بالأساس في:

  • توفير إطار قانوني ملائم للصحافيين كي يمارسوا مهامهم بكل حرية واستقلالية. ويكون ذلك عبر التصدي للأحكام القانونية التضييقية لحرية التعبير التي يمكن أن توجد في التشريعات المتعلقة بالصحافة أو الأنترنت أو الإرهاب.
  • عدم التنصت بصورة غير قانونية على الاتصالات التي يجريها الصحافيون واحترام حقوقهم في التعبير وفي الحياة الخاصة،
  • عدم سنّ تشريعات من شأنها منع الصحافيين من التشفير لحماية حقهم في السرية وعدم التعرض إليهم أو عرقلة وصولهم لتكنولوجيات الحماية الرقمية.
  • التشجيع على إرساء منظومة تأجير تكفل كرامة الصحافي وتحميه من التوظيف بواسطة القوانين الجبائية أو التشريع المتعلق بالتمويل العمومي.
  • تنظيم الدولة والفاعلين في مجال حرية التعبير دورات تدريبية لفائدة القضاة والأمنيين والعسكريين والصحافيين ومنظمات المجتمع المدني بخصوص الالتزامات القانونية والتعهدات الدولية في مجال حماية الصحافيين.