|

!الصراع العسكري في السودان… توقف عند المشهد الإعلامي

مع اندلاع الاشتباكات في 15 نيسان/ابريل بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع يواجه الإعلام السوداني تحديات كبيرة

مع اندلاع الاشتباكات في 15 نيسان/ابريل بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع يواجه الإعلام السوداني تحديات كبيرة، لتضاف إلى الواقع الصعب في القوانين المقيدة للحريات وغياب الديمقراطية وسيطرة الدولة على معظم وسائل الإعلام.

ولعل أبرز التحديات التي تواجهها المؤسسات الإعلامية اليوم هي حالة الاستقطاب السياسي، إما أن تضع هذه المؤسسات ميولها السياسي جانبا وتنحاز للمعايير المهنية لإحداث التوازن بين كل الأطراف، أو أن تناصر احد المعسكرات على حساب الآخر. 

وبالتالي، بات المشهد الإعلامي ضبابيا لأن المكونين العسكريين المتحاربين الآن سبق لهما أن انقلبا على القوى المدنية، والآن يتبادلان الاتهامات حول تقويض المسار الديمقراطي. وبات الصحافيون في خضم معركة تدور حول السلطة لا على الديمقراطية، يخضعون فيها للكثير من المؤثرات ربما معظمها يعود الى تبعية وسائل الإعلام وملكيتها، اضافة الى القوانين التي تنظم العمل الإعلامي والممارسات التي تقيّد حريته.

تاريخ من القوانين والممارسات

أمام هذا المشهد الصعب خضع الإعلام السوداني الى منظومة مقيدة من القوانين الإعلامية التي في معظمها قديم وغير محدث. وبالرغم من أن اندلاع الثورة السودانية على حكم البشير في 2019 غير من المشهد الإعلامي وزاد في معدل الحريات الصحافية، إلا أنه خلال الثلاثين عاما الماضية واجه الاعلام السوداني موجات من التضييق والممارسات الامنية جاءت بدرجات مختلفة، بداية مع إصدار قانون المطبوعات والنشر لعام 1993 الذي أدى الى  تخفيف القيود المفروضة على وسائل الإعلام، وسمح للصحف "السياسية" باستئناف النشر بترخيص من الحكومة. وساهم إدخال الإنترنت، تدريجياً في النصف الثاني من التسعينات، في توسيع نطاق وصول المواطنين السودانيين إلى المعلومات. ومع ذلك، حافظت الحكومة على سيطرة صارمة على وسائل الإعلام طوال العقد.

ومع تفاقم الحرب الأهلية بين شمال السودان وجنوبه، أعلن الرئيس السابق عمر البشير  في عام 1999 حالة الطوارئ التي مهدت الطريق لمزيد من الرقابة الحكومية على وسائل الإعلام. وقد رفعت حالة الطوارئ جزئياً في عام 2001.

في حين أدى توقيع اتفاق السلام السوداني في عام 2005 إلى فترة أكثر ديمقراطية لوسائل الإعلام. إلا أنه سرعان ما وجدت الصحافة المستقلة الوليدة في البلاد نفسها تواجه تهديداتٍ حكومية، حيث اعتقل 15 صحافياً سودانياً وأجنبياً في النصف الأول من عام 2006. وعندما انفصل جنوب السودان رسمياً في عام 2011، وجدت، مرةً أخرى، وسائل الإعلام السودانية نفسها في ظل تدخلٍ حكومي متزايد وسط الاضطرابات السياسية.

وقد واجه الصحافيون السودانيون دعاوى جنائية أو مدنية تتعلق بالتشهير، على الرغم من أن مثل هذه الحالات كانت نادرة في السنوات الأخيرة من حكم البشير، بسبب وجود رقابة أمنية شرسة مع إصدار دائرة الاستخبارات والأمن الوطنية بشكل روتيني توجيهات للمحررين، واغلاق بشكل مؤقت لوسائل الإعلام التي لا تمتثل.

كما نظم قانون الأمن الوطني لعام 2010 الحصانة للسلطات التي تقوم باعتقال الإعلاميين والرقابة عليهم باسم الأمن القومي. وخلال الانتخابات الوطنية لعام 2015، استولت دائرة الاستخبارات والأمن الوطنية على مطبوعات كاملة من عدة صحف، من بينها صحيفة "المجهر السياسي" السودانية، حيث واجه الصحافيون السودانيون اتهامات جنائية بعد معارضتهم القمع الحكومي. ومن أبرز الحالات التي وقعت في كانون الاول/ ديسمبر 2015، اعتقال اثنين من محرري الصحف هما عثمان ميرغني من جريدة التيار السودانية وأحمد يوسف التاي من صحيفة الصيحة، حيث اتهم ميرغني والتاي بنشر أخبار كاذبة وتقويض النظام الدستوري.

ترخيص وسائل الإعلام

 يخضع ترخيص وسائل الاعلام السودانية الى قانون الصحافة والمطبوعات الصادر عام 2009، حيث أشار القانون الى تشكيل المجلس القومي للصحافة والمطبوعات، الذي يملك سلطة وفق المادة 8 من قانون الصحافة والمطبوعات على إصدار التراخيص لانشاء وسائل الإعلام (المرئي والمسموع والورقي).

في المقابل، لا يوجد قانون يمنح تراخيص للمواقع والصحف الالكترونية، وقد تم ترخيص الكثير من هذه المنصات الاعلامية بالتحايل على القوانين تحت مظلة شركة "خدمات إعلامية"، و يتم النشر في الكثير من هذه المواقع غير المرخصة بدون ذكر اسماء مؤسسي هذه المنصات او الصحافيين العاملين فيها لحمايتهم من الملاحقة الامنية والقضائية.

المشهد الإعلامي الحالي

ينقسم الاعلام في السودان بعد ثورة 2019 الى مجموعة من الاتجاهات في ملكيته واتجاهاته السياسية وتبعيته الحزبية. حيث تنقسم الجهات المسيطرة على الإعلام إلى جهات حكومية متمثلة في السلطات السياسية والعسكرية وجهات حزبية، اضافة الى اعلام مجتمعي ومستقل ظهر جليا بعد انفتاح المشهد السياسي والإعلامي عقب ثورة 2019.

يمكن تقسيم الإعلام السوداني كالتالي

كذلك، يحضر في المشهد مجموعة من المؤسسات الاعلامية المستقلة والتي كانت تعمل منذ سنوات، وهي بمعظمها مواقع وجرائد الكترونية، مثل:

ثانيا: إعلام ما بعد الثورة

حاول مجموعة من رجال الأعمال المحسوبين على ثورة 2019، إطلاق مجموعة من المؤسسات الإعلامية التي تقدم نفسا اعلاميا جديدا مشابها لثورة 2019، ومنها:

  • قناة "السودان بكرا"
  • قناة "السودانية 24"
  • قناة "الشروق"
  • قناة "النيل الازرق"
  • إذاعة " هلا 96"
  • إذاعة " 106.6 PRO"  

في المقابل، كان هناك اطلاق لبعض الإذاعات بمبادرات مجتمعية مثل:

  • راديو "البنات" وهي مبادرة مجتمعية مخصصة للنساء.

اولا: إعلام تابع للسلطة السياسية والعسكرية والأحزاب السياسية

  • الهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون التابعة للحكومة السودانية تمتلك الإذاعات التالية: اذاعة "ام درمان"، اذاعة "البيت السوداني". في حين، تمتلك الهيئة ايضا "التلفزيون القومي" و"قناة الخرطوم". اضافة الى وكالة "سونا"الاخبارية.
  • تمتلك الحركة الإسلامية (المؤتمر الوطني) التابعة لنظام البشير قناة طيبة وجريدة مطبوعة تحمل اسم "الرائد".
  • جريدة القوات المسلحة التابعة للجيش السوداني.
  • جريدة "الميدان" وهي جريدة مطبوعة يمتلكها الحزب الشيوعي.
  • جريدة "اخبار الوطن" جريدة مطبوعة يمتلكها حزب المؤتمر السوداني.

برامج دعم الصحافيين خلال النزاع

ولفت عبد الكريم أن هناك حاجة اليوم لتدريب الصحافيين العاملين في السودان على بروتوكولات الحماية الجسدية والالكترونية، وكيفية التعامل مع النزاعات المسلحة والتفتيش الجسدي، لا سيما أن الكثير من الصحافيين تعرضوا للتهديد بالقتل من قبل أطراف النزاع عند الكشف عن هواتفهم مع العثور على صور وفيديوهات توثق انتهاكات تحدث ضد المدنيين.

 في المقابل، يقدم المركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام نوعا من الدعم القانوني وتوثيق الانتهاكات التي تحدث بحق الصحافيين والمدنيين. ولفت المحامي امير سليمان من المركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام في حديث لـ "مهارات ماغازين" أن العمل مع الصحافيين كان قبل اندلاع النزاع على موضوع العدالة الانتقالية وآليات المحاسبة الدولية ورفع الوعي القانوني.

وخلال الصراع بات عمل المركز منصبا أكثر على توثيق الانتهاكات بحق الصحافيين وتقديم الدعم القانوني لهم في حال القبض عليهم من قبل أطراف النزاع.

خلال الصراع المندلع في السودان حاولت بعض المؤسسات الصحافية الدولية، التي تقدم الدعم للصحافيين من تعديل برامجها وفقا للمشهد الحالي، لمساعدة الصحافيين على تخطي التحديات التي فرضتها الصراعات، وأبرز هذه المؤسسات الصحافية مؤسسة "انترنيوز" التي قدمت دعما ماليا للصحافيين من خلال صندوق الطوارئ، اضافة الى اجلاء بعض الصحافيين من مناطق الخطر بحسب الصحافي حيدر عبد الكريم.

وأكد عبد الكريم لـ "مجلة مهارات" إنه بالرغم من قيام  بعض المؤسسات الصحافية بدعم الصحافيين ماليا، الا ان العائق الأبرز يتمثل بوصول هذه المبالغ الى السودان مع توقف جميع الخدمات المالية كشركات التحويل والبنوك.