في الايام العادية، لا يعكس الاعلام الوطني المحلي صوت اللاجئين. فالاعلام على المستوى الوطني، هو اعلام مركزي، يركز على تغطية الاحداث المحورية في العاصمة، وتدرو مجرياته حول المسؤولين الرسميين. اعتمدت البلدان التي تضم تجمعات للاجئين على ارضها تدابير استثنائية مشددة لمحاربة الكورونا. من هذه التدابير تكثيف برامج التوعية والارشاد لمواطنيها. غير انه لم تلحظ اي عمل اعلامي يستهدف ايصال المعلومات بشكل دقيق الى مخيمات اللجوء. كما لم يحظ اللاجئون بصوت في الاعلام يروي معاناتهم مع الاكتظاظ والغلاء وتأثير تداعيات ازمة كورونا على اوضاعهم اليومية والمعيشية.
تغطية اعلامية عامة
على خلفية انتشار فيروس كورونا في الاردن، اصدرت وزارة الداخلية الأردنية تعليمات بعزل مخيمات اللجوء السوري في الاردن. حيث منعت الزيارات والخروج من المخيمات ومنع الاختلاط. وعلى رغم تواجد اكثر من 700 الف لاجئ سوري في الاردن، لم تلتفت التغطية الاعلامية الى اللاجئين هناك.
فالاعلام الاردني غطى قضية الكورونا بشكل عام، فالتوجيهات وحملات التوعية موجهة الى الجميع. فمصدر المعلومات حتى الان هو وزارة الصحة الاردنية فقط، ولا يوجد محتوى اعلامي خلال هذه الازمة مرتبط بغير الاردنيين، على ما تؤكد الصحافية في راديو البلد عطاف الروضان. اذ لفتت الى " ان الاجراءات لإحتواء فيروس كورونا موحدة لجميع من يقيم في الاردن، مع تأكيد السلطات الاردنية ان الاجراءات الصارمة تتضمن توقف المدارس واغلاق المحال التجارية، اضافة الى تطبيق حظر تجول كلي.
لم يحظ النازحون في العراق الذي يحتوي على اكثر من 66 ألف عائلة نازحة بحسب وزير الهجرة والمهجرين العراقي نوفل بهاء موسى بأي تغطية اعلامية. وأكد مصطفى سعدون، صحافي ومدير المرصد العراقي لحقوق الانسان لـ "مهارات ماغازين"، ان "الاعلام العراقي مركزي وينشر ما تقوم به الحكومة من اجراءات لمواجهة الفيروس، وبالتالي تسليط الضوء على النازحين الا بشكل نادر. فالنصائح والارشادات الموجهة اليهم بسيطة، وتقوم بها فقط وزارة المهجرين".
يبلغ عدد اللاجئين في مصر249 ألف لاجئ، بحسب ارقام المسجلين في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في عام 2019. ولكن الارقام غير الرسمية تشير الى وجود ما يقارب خمسة ملايين لاجئا موزعين في مختلف المحافظات المصرية، حيث لا توجد مخيمات لجوء، وغالبيتهم بين فلسطينيين وسوريين وعراقيين.
أوضح الصحافي في جريدة الاهرام باسل يسري لـ “مهارات ماغازين" ان اللاجئين يقطنون في مصر منذ زمن بالتالي يعرفون من اين يستقون معلوماتهم، المعلومات العامة متاحة للجميع، ولكن لا تخصيص لفئة اللاجئين.
عنصرية وتهميش
في لبنان ايضا تعيش المخيمات الفلسطينية حالة طوارئ منذ انتشار وباء كورونا. لا يدخل المخيم من لا تقاس له حرارته، حملات تطوعية تقوم بتعقيم ورش الطرقات بالكلور، حملات توعية تديرها جهات طبية من المخيم تدور حول طرق الوقاية والتعقيم. هذا بالإضافة إلى إغلاق المؤسسات ومنع الأطفال من النزول للعب خارجًا. لا تختلف هذه الإجراءات الوقائية عن تلك التي تحدث في الشوارع والمناطق اللبنانية، الفارق أن الشاشات اللبنانية حتى الساعة لم تنقل الصورة في الوقت الذي تتزايد المطالب بتطويق المخيمات وأهله.
تغيب القنوات المحلية عن تغطية أوضاع المخيمات وسكانها. منذ بداية انتشار الحدث وإعلان الاعلام اللبناني عن إجراءاته بحماية موظفيه، صارت التقارير الإخبارية تُنتج من بعد، لاسيما وأن معظم الإعلام اللبناني قلّص عدد موظفيه المتواجدين على الأرض.
في ظل الحالة الوبائية في لبنان، تشكّل المخيمات نقطة تخوّف بالنسبة للدولة والسياسيين على حد سواء مع دعوات إلى إغلاق المخيمات وعزلها كونها تشكل خطرا على لبنان. هذه الخطابات وجدت فيها الفصائل الفلسطينية والفلسطينيين تحريضًا على عزل المخيمات في حين عدم وجود حالات سجلت إصابتها بالتعرض لفيروس كوفيد_19 حتى الآن.
في حديث سابق، أشار وزير الصحة اللبناني، حمد حسن، إن الرعاية الصحية للاجئين مسؤولية مشتركة بين لبنان ووكالات الأمم المتحدة، مؤكدا أن رد فعل المجتمع الدولي بطيء بشأن الأزمة.
وأضاف الوزير "أرى أن المجتمع الدولي بمؤسساته الأممية متأخر قليلا عن وضع خطط أو التفكير في إنشاء مستشفى ميداني أو بدعم وزارة الصحة اللبنانية لكي تستطيع أن تقوم بواجباتها في هذه الفترة تجاه المجتمع اللبناني بالإضافة إلى الإخوة الفلسطينيين والسوريين."
في حين أشار وزير الصحة اللبناني إلى وجود صعوبات في الحفاظ على معايير النظافة الصحية الشخصية بالنظر إلى الكثافة المرتفعة للسكان في المخيمات، مشيرا إلى أن انتشار فيروس كورونا يمثل خطرا حقيقيا.
إذًا، التحدي الكبير لدى المخيمات الفلسطينية هو الإبقاء على أمن المخيم الصحي حتى لا يُعاقب اللاجئون بعزلهم عن الخارج اللبناني، وكأن الشوارع اللبنانية خالية من الفيروس.
هذه الصورة العنصرية نقلها الإعلام اللبناني عن لسان أهل السياسة والأحزاب من دون متابعتهم في الأساس ما يحصل على الأرض.
في المخيمات: من ينقل الصورة؟
نشطت المنصات على وسائل التواصل الاجتماعي مثل كامبجي وناستوبيا وغيرها في أداء دورها الإعلامي من جهة ونجحت في أداء دورها التوعوي من جهة أخرى. وقامت مكان الاعلام اللبناني الذي كان يلعب دوره العام في تغطية أحداث عامة دون الغوص في تفاصيل الحدث وآثاره على المجتمع، قضية المخيمات جزء منها.
لهذه الشبكات الاجتماعية جمهور كبير في كل المخيمات اللبنانية، هي التي قدمت نفسها على أنها صوت أهل المخيم حين لا يسمعهم أحد. وهذا ما يؤكده أحد العاملين في صفحة "ناستوبيا" رفعت فلاح لـ "مهارات ماغازين" حيث قال "ابن المخيم قادر على التكلم عن المخيم بصورة أفضل، لأننا نعيش داخله وبالتالي قادرون على أن نحكي أكثر عن ما يحصل، وعلى سبيل المثال تكلفة شراء مواد التنظيف وتأمين تلك المواد داخل المخيم، موضوع لم يتطرق له أحد من القنوات الإعلامية، قمنا نحن بالحديث عنه إضافة إلى الإضاءة على طرق الوقاية الصحيحة، وتصوير حملات التوعية وحملات التنظيف والتعقيم". وفي حين الإعلام المحلي غائب، نقوم نحن بالإضاءة على هذه المواضيع مع قدرتنا على الوصول إلى أهل المخيم.
الدخول في تفاصيل التفاصيل، يراها فلاح ضرورة لأهل المخيم الذي يعج بالسكان، أما الحديث عن القصص في إطار عام لن يؤثر في السكان ولن يكونوا جزءا من هذا الحدث.
اليوم، تتخذ الإجراءات التحصينية والوقائية في المخيمات الفلسطينية بالاشتراك مع الدفاع المدني الفلسطيني والبلديات، جميعهم تأهبوا وبدأوا بالتصرف قبل وقوع الكارثة. نشطوا في تقديم المعلومات وتم توزيع البروشيرات التي تقدم معلومات حول آلية الحماية الشخصية. ولأن الإعلام الالكتروني حاضر بقوة، يستقي أهل المخيم معلوماتهم من أي مكان يعرفونه في الفضاء الإلكتروني، منهم من يتابع منظمة الصحة العالمية، أو القنوات الفضائية. وتشكل وسائل التواصل الاجتماعي مكانًا مزدحمًا بالأخبار، ولهذا كانت الشبكات الناطقة بلسان أهل المخيم تقدم معلومات توعوية باستمرار.
يقول هشام كايد من كامبجي في اتصال لـ "مهارات نيوز" أن "وسائل التواصل اليوم تقدّم المعلومة للناس. أما الاعلام المحلي الذي ينقل الخطابات العنصرية فقط والسيناريو المنوي اتباعه في إغلاق المخيمات حيث يتم التعاطي مع اللاجئين كأنهم من درجة ثانية.
الخطأ الثاني الذي يرتكبه الإعلام اللبناني هو عدم توجهه مباشرة إلى اللاجئين والأماكن المكتظة، لأن هذا الوضع يتطلب خطابا مباشرا، عبر الوسائل الاعلام المحلية، من الدولة لهذه الفئات من المجتمع تُشعرهم بأن الدولة تكترث لأمرهم."
الفكرة نفسها يؤكد عليها صبحي العفيفي، المدير التنفيذي لجمعية " أحلام لاجئ" الذي بادر مع مجموعة من المتطوعين منذ تفشي الوباء إلى تعقيم شوارع المخيم والمحلات التجارية وتوزيع الحصص الغذائية على السكان. يقول لـ "مهارات ماغازين" أنه في ظل كل ما نقوم به من الحملات التطوعية في المخيمات من جهة، وكُل ما يحاك بحق اللاجئين من عنصرية وتحريض، لم تأت أي قناة إعلامية لنقل ما نقوم به على الأرض".
في الوقت الذي تلعب المنصات الشبابية على وسائل التواصل الاجتماعي دورًا في توعية اللاجئين والنازحين في المخيمات الفلسطينية، يكاد الوضع يكون أسوأ في مخيمات النازحين السوريين، إذ يتركون لمواجهة مصيرهم في الوقت الذي لم تنقل أي شاشة إعلامية معاناتهم وتخوفاتهم في هذا الوضع الصعب.
يقول حاتم من مخيم بر الياس "لم تأت أي وسيلة إعلامية لنقل الصورة لدينا، في الوقت الذي نعاني فيه من نقص مواد التعقيم والمال والطعام وعدم قدرة النازحين على التنقل والعمل، وحدها كامبجي قامت بإعداد تقري إخباري عن وضعنا في المخيمات."