|

ACOS للصحافيين: طالبوا بسلامتكم!

وصلت عمليات قتل وسجن وخطف الصحافيين إلى مستوياتٍ تاريخية خلال السنوات الأخيرة الماضية. وكانت عملية الاختطاف والقتل الوحشية التي تعرض لها الصحافيان المستقلان جيمس فولي وستيفن سوتلوف في سوريا صيف 2014، حادثة مفصلية أدت إلى إنشاء تحالف أكوس ACOS "من اجل تعزيز ثقافة السلامة".

وصلت عمليات قتل وسجن وخطف الصحافيين إلى مستوياتٍ تاريخية خلال السنوات الأخيرة الماضية. وكانت عملية الاختطاف والقتل الوحشية التي تعرض لها الصحافيان المستقلان جيمس فولي وستيفن سوتلوف في سوريا صيف 2014، حادثة مفصلية أدت إلى إنشاء تحالف أكوس ACOS "من اجل تعزيز ثقافة السلامة". على اثر هذه الحادثة، اجتمعت بعض المؤسسات الإعلامية والمنظمات للتفكير في كيفية حماية الصحافيين المستقلين الذين يعملون معها. فهذه مسألة أخلاقية ومهنية، فصاغ المجتمعون المسودة الاولى لمبادئ سلامة الصحافيين المحليين والمستقلين، ووقعوا عليها كاعلان عن التزامهم بها. من ثم توسعت حلقة الموقعين.

واليوم، أكثر من 120 منظمة مُوقِعَة على تحالف أكوس ACOS ومبادئ سلامة الصحافيين، ومنها مؤسسات عربية كـ"مؤسسة مهارات"، "مركز الدفاع عن الحريات الإعلامية والثقافية - سكايز - مؤسسة سمير قصير"، "جمعية الدفاع عن حقوق الصحافيين العراقيين"، "مرصد الحريات الصحفية"، "إعلاميون من أجل صحافة استقصائية مستقلة - ARIJ"، "سجل الصحفيين المستقلين في الخطوط الأمامية"، "مركز الخليج لحقوق الإنسان" و"شبكة ماري كولفِن للصحفيات".

وأعلن تحالف أكوس بالتعاون مع عدد من هذه المؤسسات عن فتح أبواب التسجيل لدورة تدريبية مجانية للصحافيين حول "السلامة والإسعافات الأولية والأمن الرقمي، عبر الوسائل الإلكترونية (Online) من تصميم مدربين مخضرمين في مجال سلامة الصحافيين (Silk Road Training)"، ممتدة على 30 يوماً، بدءاً من الاثنين 18 تشرين الأول/أكتوبر وحتى الأربعاء 17 تشرين الثاني/نوفمبر 2021.

إذًا، كيف يستمر هذا التحالف بترسيخ هذه المبادئ في العالم وتحديدًا في البلدان العربية؟ ما هي المشاريع والمبادرات التي يقوم بها ليصل إلى أكبر عدد من الغرف الإخبارية والمنظمات والصحافيين المستقلين والمحررين؟ لمعرفة هذه التفاصيل وأكثر، أجرت "مهارات ماغازين" مقابلة مع المديرة التنفيذية لتحالف ACOS إليزابيت كانتينيز.

أدرجتم على موقعكم الإلكتروني سلسلة من التدابير، كيف تعملون على إدخالها ودمجها في نظام عمل المنظمات في العالم العربي؟

أن إحدى مزايا العمل على الصعيد الدولي هي القدرة على رؤية العديد من المنظمات المتشابهة حول العالم، وكذلك التمكن من تحديد التحديات والصعوبات ضمن بيئات عمل مختلفة. وكذلك تحديد الفروقات، لناحية  توفر الموارد المالية أو محدوديتها، اختلاف الأطر القانونية للعمل، وكذلك سياسة المؤسسات. أما كيفية التعامل مع فكرة سلامة الصحافيين فمتشابهة إلى حدٍ مدهش.

في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لم نتمكن من العمل بعد بشكل فعال الى حين بدأنا في بناء شراكات محلية، منها مع مؤسسة سمير قصير، ومؤسسة مهارات، وأريج وغيرها. حيث لاحظنا خلال عملنا نقص التدريب على السلامة، لذلك، بدأنا التدريب على السلامة المهنية والشخصية للصحافي منذ 4 سنوات وحصلنا على الدعم من مؤسسات إخبارية إضافية.

ويتمثل التحدي الرئيسي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في جذب المحررين من المؤسسات الإخبارية للمشاركة في هذه التدريبات لأن وجودهم أساسي في تعزيز التغيير المنهجي في ممارسات السلامة.

هل يختلف تطبيق الممارسات الفضلى للسلامة الصحافية بين المنظمات الكبيرة والصغيرة؟

يمكن للجميع الالتزام بهذه المبادئ عبر معرفة قدرتهم على تنفيذ  هذه المعايير استنادا إلى مواردهم. ولكن بالتأكيد المؤسسات الكبيرة لديها تحدياتها الخاصة، وان كانت تملك الموارد الا ان التطبيق  ليس بهذه السهولة. وأهم هذه التحديات تتمثّل في التوعية والتعزيز الدائم لمعايير السلامة بين الموظفين (الذين قد يصل عددهم في بعض الحالات إلى المئات).

أما المنظمات الصغيرة فعملها بموارد قليلة ليس سهلا، إلا انه يمكن تطبيق هذه المعايير وفقا للموارد المتوفرة لديها قدر المستطاع. لذا، من المهم احترام هذه المعايير، والعمل عليها أمر ضروري ولكنه يختلف بين المؤسسات.

هنا في ACOS لدينا فرق تعمل على السلامة للمؤسسات، وهم على استعداد لمساعدات المؤسسات العاجزة عن توظيف مستشار للسلامة.

 من المهم جدا أن نذكر أنه يجب الاعتراف بتنفيذ ممارسات السلامة وتجذرها في غرف الأخبار، مما يوجب على الصحافيين والمحررين تضمينها في عملهم وليس فصلها باعتبارها أمرًا ثانويًا، ومن ثم يأتي دور مستشاري السلامة، كفريق خارجي، لإبلاغ فريق التحرير عن تدابير السلامة، ولكن الصحافيين والمستقلين والمحررين يجب أن يطالبوا بسلامتهم ويحافظوا عليها.

ما هو تحالف أكوس ACOS، وما الذي يمثله؟

أكوس هو ائتلاف من اجل تعزيز ثقافة السلامة،  يجمع بين المؤسسات الإخبارية والمحررين والمنظمات غير الحكومية والصحافيين المستقلين، للعمل معا على رفع معايير السلامة، وتعزيز الممارسات المسؤولة للصحافيين العاملين في مؤسسات صحافية وأولئك المستقلين ايضا. لقد جاء عملنا وتأصل في مبادئ سلامة الصحافيين المستقلين على شكل مدونة قواعد للممارسات الفضلى، ومن خلال هذه الوثيقة نسعى الى تحسين بيئة حاضنة وآمنة لعمل الصحافيين.

كيف تضمنون تطبيق هذه المعايير والممارسات ضمن المؤسسات والمنظمات لتحقيق هذه البيئة الآمنة؟

تعمل استراتيجيتنا على نشر مبادئ الصحافة، ونسعى إلى حصد أكبر عدد ممكن من الموقعين على هذه المبادئ، لذلك نريد من العديد من المنظمات والمؤسسات الصحافية والمنظمات غير الحكومية أن تؤيد هذه الممارسات. ولكن التوقيع على وثيقة المبادئ هذه، لا يعني بالضرورة التمكن من تطبيق كافة هذه الممارسات. وتكمن أهمية هذا التوقيع انه اعلان عن الالتزام بالقيم التي تحملها هذه المبادئ والالتزام بها والعمل على تطبيقها العملي. ونحن نعتبر أن نشر هذه القيم والعمل على تطبيقها بين الزملاء المحررين في بيئة العمل التابعة للمؤسسة الموقعة على هذه المبادئ ،هي خطوة اولى لتعزيز الالتزام بهذه المبادئ.

عبر عملنا الميداني، تبين لنا أن  العديد من المنظمات تعرف مبادئ السلامة والأمان في العمل الصحافي، ولكن ليس بالضرورة انهم يسعون إلى إيجاد السبل المثلى لإدخالها في بيئة عملهم. هنا يأتي دورنا في المساعدة التقنية والتدريب ليس فقط لمسؤولي المؤسسات والمنظمات إنما للمحررين في غرف الأخبار وفي ميادين العمل ايضا.

لذا، قمنا بتدريب صحافيين مستقلين خارج لائحة الموقعين على عريضة مبادئ سلامة الصحافيين واعطيناهم نصائح حول تطبيق هذه المبادئ أثناء عملهم، وتابعنا معهم كيفية الاستفادة من هذه التدريبات وتطبيقها في بيئة العمل. فنحن نحاول التأكيد لهم أنه "إذا كنتم تريدون أن تكونوا محترفين في عملكم، فيجب أن تكونوا بأمان".

ما هي أبرز التحديات التي تواجهكم في العمل التدريبي؟

في بعض الأحيان قد لا توجد رغبة في إحداث تغيير حقيقي في بيئة العمل، ويتم الاكتفاء بالاطلاع على مبادئ الحماية والأمان الرقميين من دون العمل الجدي على استخدامها في العمل.

ونحن نعتبر ان التحجج احيانا بعدم توفّر ما يكفي من الموارد لتطبيق هذه التدابير،  ليس سببا وجيها إذ  يمكن لكل مؤسسة أن تكيف تدابيرها وفقا لقدراتها المالية. فمناقشة هذه الإجراءات مثلا ضمن المؤسسة الواحدة مجاني ولا يحتاج الى تمويل، فكل ما على المسؤولين في هذه المؤسسات هو المضي قدما لإحداث تغيير حقيقي وعدم تعريض الصحافيين للخطر.

يتشارك العديد من الصحافيين المستقلين في المنطقة العربية شهادات وتجارب عن عدم التزام المؤسسات سواء المحلية والدولية في تأمين الحد الأدنى لضمان سلامتهم، فما هو السبب الرئيسي؟

ليس هناك أي عذر لعدم تطبيق تدابير السلامة ووضع الصحافيين في خطر خلال إنجار عملهم. ولهذا السبب يؤكد تحالف ACOS على أهمية اطلاع ومعرفة الصحافيين المستقلين والمحررين على مبادئ الحماية هذه، حتى يناقشوا معايير سلامتهم عند عملهم على أي تقرير أو موضوع. وفي حالة عدم وجود عقد عمل في المؤسسة، شاركت ACOS على موقعها نموذج عن عقد يتضمن معايير وشروط السلامة، وهي خطوة مهمة إلى الأمام لإحداث التغيير.

وأنا أفهم كوني عملت كصحافية مستقلة سابقًا أنه في بعض الأحيان يضطر الصحافي قبول عمل بأي شروط كانت ولكن سلامتنا هي أولوية، لهذا لا يجب أن نشرّع ما هو غير شرعي وغير مطابق لسلامتنا.

في بعض الأحيان تستفيد المؤسسات الإخبارية، وخاصة في العالم العربي، من الثغرات في القوانين لاستغلال صحافييها والمستقلين ومحرريها العاملين لديها، ماذا تفعل ACOS حيال ذلك؟

من المهم العمل على حل هذه المشاكل من خلال النقابات، ولهذا السبب من الضروري بدء محادثة حول سلامة الصحافي مع المؤسسات وحتى مع محامي المؤسسات، لأنهم قد يكونون ضالعين في الإطار القانوني للعمل ولكنهم قد لا يكونون على دراية تامة بمقاييس السلامة والممارسات الفضلى.

"إن مسؤولية سلامتك تبدأ منك أنت ويجب أن تتطابق مع الشخص أو المؤسسة أو المنظمة غير الحكومية أو غرفة الأخبار التي تعمل معها. ويجب أن تلتزم بسلامتك كصحافي، ورفع مستوى الوعي حول هذا الموضوع (العقد، والبطاقة التعريفية، والتأمين، وإدارة المخاطر...) كل هذه الجوانب المتعلقة بسلامتك يجب أن تناقشها، فذلك يدل على أنك صحافي مهني ".

ما هي الإجراءات المتخذة في حال  عدم الالتزام بتطبيق المبادئ؟

عندما نعرف أن مؤسسة ما لا تطبق معايير السلامة، وتعرض الصحافيين والمستقلين والمحررين للخطر، فمن واجبنا إجراء محادثة مباشرة معهم للاستيضاح عن أسباب التخلّف عن تطبيق هذه المعايير، توعية المؤسسة وإيصال أهمية تطبيق هذه الممارسات بطريقة بناءة.

فعندما تكون سمعة أي مؤسسة على المحك، سوف تفعل كل ما في وسعها لكسبها مرة أخرى.

وأخيرا، من المهم أن تعي المؤسسات الإعلامية، غرف الأخبار، والمنظمات غير الحكومية أن الصحافيين هم ثروتها الرئيسية وينبغي أن يحافظوا عليهم.