|
النقابات الصحافية في العالم العربي: القوانين تقيّد التعددية

  النقابات الصحافية في العالم العربي: القوانين تقيّد التعددية

يختلف وضع النقابات الصحافية وقوانين انشائها من بلد عربي إلى آخر، لكنها في أغلب البلدان العربية تخضع الى حصرية فرضتها القوانين الاعلامية وقوانين انشاء النقابات.

يختلف وضع النقابات الصحافية وقوانين انشائها من بلد عربي إلى آخر، لكنها في أغلب البلدان العربية تخضع الى حصرية فرضتها القوانين الاعلامية وقوانين انشاء النقابات. حيث يفرض القانون في الاردن ومصر والعراق والمغرب والجزائر وجود نقابة صحافية واحدة تمثل الصحافيين ولا يمكن القيام بالعمل الصحافي الا بالانضمام إليها.

في حين تغيب أدوار النقابات الصحافية في كل من ليبيا واليمن والسودان وفلسطين، حيث تخضع النقابات الصحافية إلى الانقسام الذي فرضته الصراعات وعدم الاستقرار منذ سنوات عدة.

في حين تحاول نقابات اخرى ان تمثل القسم الأكبر من الصحافيين وتدافع عن حقوقهم ومصالحهم وتحمي حريتهم لا سيما في دول استفادت من الربيع العربي للحصول على هامش أكبر من الحريات مثل تونس.

 

الاردن

كما، تقتصر عضوية النقابة على الصحافيين العاملين في مؤسسات "تماثل في أعمالها العمل الصحافي في حقول الإعلام، وتشمل دوائر الأخبار والتحرير". وبذلك يتم استثناء الصحافيين العاملين في أقسام البرامج في الإذاعات والتلفزيونات، ومن ضمنهم المراسلون الميدانيون في البرامج كافة، أو معدّو البرامج الإخبارية والتقارير الوثائقية التي لا تندرج ضمن دائرة الأخبار. بينما تحق العضوية للمدير العام لمؤسسة صحافية، أو عضو هيئة تدريس لمادتي الصحافة أو الإعلام في الجامعات الأردنية.

وحددت النقابة أيضا في قانونها شرطًا يُلزم الصحافي بالتفرغ "لممارسة العمل الصحافي ممارسة فعلية" بأن يكون عاملًا في مؤسسة، وأن يكون له اشتراك في الضمان الاجتماعي عن طريق مؤسسته، وليس اشتراكا فرديا يدفعه بنفسه، وبهذا ترفض النقابة عضوية جميع الصحافيين المستقلين العاملين بنظام القطعة.

كما يحدد القانون قبل منح عضوية النقابة، فترة تدريب في مؤسسة صحافية أردنية مرخصة، وتتراوح مدة التدريب وفقًا لدرجة الشهادة من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات. يتبعها شرط اجتياز امتحان يجريه مجلس النقابة. ولكي يُقبل التدريب، يشترط المجلس أن يكون الصحافي موظفا فعليا في المؤسسة، ولديه رقم اشتراك في الضمان الاجتماعي.

القوانين والتشريعات الإعلامية عقبة أمام الصحافي في العالم العربي، لا سيما مع وجود نقابات لا يعتبرها الكثير من الصحافيين بأنها ممثلة لهم.

صدر قانون نقابة الصحافيين الاردنيين لأول مرة عام 1953 وتم استحداث قانون مؤقت للنقابة عام 1983. ثم صدر القانون رقم (15) لسنة 1998 المعمول به حالياً. ونقابة الصحافيين الأردنيين تجمع وتؤطر جميع الصحافيين العاملين في المؤسسات الصحافية ووكالات الأنباء المعتمدة ومؤسسة الاذاعة والتلفزيون ومراسلي الصحف الخارجية. ويتألف مجلس النقابة من نقيب وعشرة أعضاء يمثلون القطاعات المختلفة في النقابة من القطاعين الخاص والعام.

وضع قانون نقابة الصحافيين الأردنيين المعدّل عام 2014، شروط العضوية التي تحدد من هم الصحافيون المسموح لهم بالانضمام إلى النقابة، وبالتالي المسموح لهم بممارسة مهنة الصحافة.

حيث يجب على الصحافي، لكي يكون عضوًا في النقابة، أن يتفرغ للعمل في مؤسسة صحافية أو إعلامية مرخصة في الأردن، بمعنى أن الصحافيين العاملين في المحطات والصحف الصادرة عن مؤسسات المجتمع المدني، وليست شركات خاصة، لا تحق لهم العضوية في النقابة.

 

وبهذه الشروط أصبح عدد كبير من الصحافيين في الاردن يمارسون مهنتهم بشكل غير قانوني، ويعتبرهم القانون منتحلي صفة "صحافي".  وبحسب قانون النقابة المعدل سنة 2014، وتحديدًا المادة 18/ج، يعاقب بدفع غرامة لا تقل عن ألف دينار أردني ولا تزيد عن ألفي دينار، ويلزم بإزالة المخالفة، وتضاعف الغرامة في حال التكرار.

كما لا تقيّد نقابة الصحافيين في جداولها إلا الصحافيين المعينين في جرائد مرخصة من المجلس الأعلى للصحافة ولديهم أرشيف صحافي، وتضعهم في جدول المتدربين لمدة سنتين. وتحولت هذه الشروط تدريجيا إلى قيود تمنع ممارسي المهنة من الانضمام إلى النقابة. 

العراق

هذا التعقيد يؤدي إلى عدم الاعتراف بالصحافي المستقل، أو حتى العامل في مؤسسة إعلامية لا تنطبق عليها شروط نقابة الصحافة، وبالتالي لا ينطبق عليه قانون "حقوق الصحافيين" الصادر عام 2011. والذي ينص على أن "الصحافي هو كل من يزاول عملاً صحافياً وهو متفرغ له بشكل كامل، والمؤسسة الإعلامية هي كل مؤسسة تختص بالصحافة والإعلام ومسجلة وفقاً للقانون، وتحتسب الخدمة الصحافية بتأييد من نقابة الصحافيين بناءً على تأييد المؤسسة الصحافية، التي يعمل فيها الصحافي، وبرقابة ديوان الرقابة المالية لأغراض الترقية والتقاعد".

ويؤكد الصحافي حسن الخرسان عضو نقابة الصحافيين ان النقابة لم تلعب دورها الحقيقي المؤثر  خصوصا فيما يتعلق بحماية الصحافيين على الرغم من إصدار قانون حماية الصحافيين رقم 21 لسنة 2011، وذلك أن نقابة الصحافيين تحاول دائما مسك العصا من المنتصف حتى لا تغضب أي طرف. 

ويلفت الخرسان الى انه "بعد زوال النظام الدكتاتوري في العراق والتحول الى الديمقراطية حتما تغيّر تشكيل النقابات بشكل عام ومنها النقابات التي تعنى بالعمل الصحافي او الاعلامي فقد اصبحت ضمن منظمات المجتمع المدني التابعة تنظيميا الى الامانة العامة لمجلس الوزراء" .

تأسست نقابة الصحافيين العراقيين وفقا للقانون رقم 178 لعام 1969، ويشير القانون الى ان "تؤسس بموجب هذا القانون نقابة للصحافيين في العراق مركزها بغداد تتمتع بالشخصية المعنوية ولها حق التملك والتصرف في الحقوق والأموال بحدود اغراض النقابة ولها ان تفتح فروعا في المحافظات وبناء على طلب يقدمه خمسة عشر عضوا ممن يمارسون المهنة في تلك المحافظة ويعملون في صحيفة واحدة أو أكثر وبموافقة المجلس".

يعتبر الجدول النقابي مغلق ولا يسمح إلا لعدد قليل جدا من الصحافيين بالانضمام إليه. ومن شروط الانتساب الى النقابة، أن يكون الصحافي منتميا الى مؤسسة إعلامية وأن يتقدم بوثيقة تؤكد عمله المستمر في احدى المؤسسات الإعلامية، وعلى ان تكون هذه المؤسسة مسجلة وتدفع الرسوم لنقابة الصحافة.

وتعتبر هذه الشروط صعبة أيضا حتى للصحافي المنضم لأي وسيلة إعلامية، لا تطابق شروط النقابة، وان وافقت شروط النقابة، لا يمكن إلا للصحافي العامل في فنون التحرير الصحافي بالانضمام، أما الصحافي العامل كمصور أو في احدى اقسام الإنتاج التلفزيوني، فهو لا يطابق شروط الانضمام اليها.

لبنان

تتعدد النقابات الصحافية في لبنان من نقابة الصحافة التي تضم مالكي الصحف ونقابة المحررين التي تضم الصحافيين العاملين في القطاع. لكن هذه النقابات لا تقوم بدورها لجهة حماية الصحافيين على جميع الاصعدة، كما انها لا تضم سوى 25 في المئة من الصحافيين.

وقد تأسست نقابة محرري الصحافة اللبنانية عام 1941، وتتألف من جميع الصحافيين العاملين في مطبوعات صحافية تصدر في لبنان دون أن يكونوا من مالكيها وفقاً للمادة 10 من قانون المطبوعات الصادر في 14 أيلول 1962، وتشكل النقابة هيئة معنوية عالمية هي الممثلة لكل المحررين في لبنان والناطقة الوحيدة باسمهم.

ولم تصبح نقابة محرري الصحافة اللبنانية كيانا مستقلا عن مالكي الصحف والمطبوعات في لبنان، إلاً في التاسع والسادس عشر من شهر تشرين الأول 1941 عندما تكوّن مجلسها الأول برئاسة النقيب روبير أبيلا. وقد مهّد لولادة نقابة المحررين لجنة تمهيدية برئاسة المونسنيور لويس خليل من جريدة البشير.

اما نقابة الصحافة التي تشكلت من مالكي الصحف والمؤسسات الاعلامية فقد نشأت في أواخر العام 1950 تنفيذا للقانون الصادر بتاريخ 10/9/ 1948 والمعدل بقانون 22/6/ 1955. وبموجب قانون سنة 1948 أصبحت النقابة سلكاً، على غرار نقابة المحامين وسواها من نقابات المهن الحرة، فباتت لا ترتبط بوزارة العمل بل بوزارة الإرشاد والأنباء والسياحة آنذاك، وذلك في كـل مـا يتعلق بشأنها المهني، الأمر الذي يلزمها بإطلاع هـذه الوزارة عـلى كـل ما يقـرره مجلس النقابة أو الجمعيـة العموميـة وإن لمجرد أخـذ العلـم. 

في عام 2012 عمل مجموعة من الصحافيين العاملين في المؤسسات الاعلامية على انشاء نقابة المرئي والمسموع برئاسة الصحافي رضوان حمزة، وبترخيص من وزارة العمل في حقبة وزير العمل الاسبق شربل نحاس، إلا أن الانقسامات السياسية عطلت عملها ايضا.


وفي العام 2019 عمل مجموعة من الصحافيين غير الممثلين في النقابات الصحافية السابقة على انشاء "تجمع نقابة الصحافة البديلة" التي ليس لديها كيان قانوني، وجاء انشاؤها بحسب موقع التجمع بهدف ايجاد "نقابة تدافع عن مصالح الصحافيات والصحافيين والاعلاميات والاعلاميين في اماكن العمل، تفرض عقد عمل جماعي يضمن أجوراً عادلة ويؤمن الحمايات الاجتماعية من البطالة والمرض والتقاعد."

الجزائر

تخضع إنشاء النقابات في الجزائر إلى القانون رقم 90ـ14 الصادر عام 1990 وسمح بتكوين نقابات مستقلة. وتم إنشاء عديد النقابات المستقلة في القطاع العام، مثل النقابة الوطنية المستقلة لمستخدمي الإدارة العمومية، والنقابة الوطنية المستقلة لعمال التربية والتكوين.

يغيب اعتراف السلطات الجزائرية منذ العام 2018 بنقابة الصحافة، اذ ان هذه النقابة لا تقع من ضمن لائحة النقابات الـ 17  التي تعتبرها الحكومة الشريك الاجتماعي لها. 

يؤكد الصحافي سليم بو زيدي انه من حيث المبدأ القانون لا يمنع إنشاء النقابات أو تعددها، ولكن المشكلة تكمن في أزمة مؤسسات الإعلام في الجزائر، حيث هناك هشاشة مؤسساتية وبنيوية وضعف في الإطار التنظيمي للمؤسسات ما ينعكس ضعفًا على العمل النقابي، بالإضافة الى هشاشة حتى في التشريعات المنظمة لإنشاء المؤسسات الاعلامية وكلها انسحبت على ان الممارسة الإعلامية في الجزائر هي الان في فترة صعبة جدًا وتعاني من ضعف في الجانب المهني والاقتصادي والمعيشي.

تعتبر أوضاع غالبية الصحافيين صعبة جدا لناحية سلم الأجور والتأمينات الاجتماعية والتقاعد والمشاكل على مستوى المحاكم بالعشرات بالنسبة للصحافيين الذين ليس لديهم عقود أو تأمينات ويتم تسريحهم بشكل تعسفي، وفي غالبية الحالات ليست النقابات هي من تقوم بالتحرك لمعالجة هذه المشاكل وإنما غالبًا مفتشية العمل وهي جهة ادارية رسمية أو أن هذه القضايا تذهب إلى المحاكم لإسترجاع الحقوق.

ولا يوجد تاريخ للحركة النقابية في قطاع الإعلام الجزائري، كما هو الحال في قطاع الصحة والتربية والمحروقات، كما لا توجد تقاليد أو تراث أو حركة نقابية قوية يمكن البناء عليها.

ولفت بو زيدي الى انه "للأسف النقابة الموجودة هي ضعيفة ولا تقوم بدورها ونتأمل خيرا أن قانون الإعلام الجديد وقانون النقابات الجديد الذي تم المصادقة عليه منذ أيام، والذي قد يسمح بتطوير الممارسة النقابية في الجزائر".

السودان

ينص القانون على أن النقابة تعمل على تعزيز مهنة الصحافة وتعزيز حرية الصحافة وحماية حقوق الصحفيين في السودان. وتشرف النقابة على تنظيم مهنة الصحافة وتحديد معايير الأخلاقيات والمهارات المهنية المطلوبة لممارسة الصحافة في السودان.

في السياق، يقول حيدر عبد الكريم لـ "مهارات ماغازين" إن "الصحافيين السودانيين اعتمدوا على المادة 87 في اتفاقية منظمة العمل الدولية المعني بحرية التشكيل النقابي بسبب تجميد القوانين التي تحكم التنظيم النقابي في السودان، وتم الاعتماد على الاتفاقية الدولية لجهة أن السودان صادق عليها في 2020  ودخل حيز التنفيذ في 2021 وأصبحت ملزمة واجهنا صعوبة وتم رفض إيداع النظام الأساسي في سجل مسجلة تنظيمات العمل ونحن نقود معركة قانونية مع السلطات للاعتراف بالنقابة".

في السودان لا زالت الصراعات حول إنشاء نقابة الصحافة السودانية حاضرة، حيث رفض مُسجل تنظيمات العمل " جهة حكومية" اعتماد وثائق وهياكل النقابة، رغم مرور نحو 5 أشهر على إيداعها. بعد انتخاب الصحافيون في آب/أغسطس العام 2022، أول نقابة مهنية بعد أكثر من ثلاثة عقود من الحجب، بقيادة عبد المنعم أبو إدريس، لكن صحافيين من النظام السابق، عارضوا قيام النقابة بدعوى مخالفتها قانون نقابات العمال لسنة 2020، وقدم بعضهم طعن أمام مكتب تنظيمات العمل لوزارة العدل، الذي بدوره أفتى بعدم قانونية إجراءات الانتخابات لعدم إيداع مشروع النظام الأساسي لدى المكتب لإجازته.

تم إصدار قانون تشكيل نقابة الصحافيين في السودان في عام 2018، وهو قانون يهدف إلى تنظيم مهنة الصحافة وضمان حرية الصحافة وحماية حقوق الصحفيين في السودان. ويهدف القانون إلى تحقيق ذلك من خلال تأسيس نقابة للصحافيين تعمل على تنظيم المهنة وتقديم الدعم والحماية للصحفيين.

 

ولفت عبد الكريم ان هناك تعددية في تشكيل النقابات الصحافية، لان النقابة في نظامها الأساسي شملت كل المهن الصحافية، واتاحت حق تشكيل النقابات الفرعية والشُعب، لكي يكون ذلك مرضي لكل القطاعات، لأن هناك الكثير من الصحافيين أحجموا عن التسجيل والانضمام الى النقابة خوفاً من المواجهة ولكن بإعادة فتح باب الانضمام تقدم كثيرين بطلبات الانضمام مما سينعكس مباشرة على الحرية النقابية في الدورة القادمة.

فلسطين

 

تأسست نقابة الصحافيين الفلسطينيين عام 1979 تحت اسم "رابطة الصحفيين العرب في القدس"، إذ منعت اسرائيل في حينها أي تسمية تشير إلى فلسطين. وقد عملت النقابة بمسماها الحالي منذ عودة السلطة الفلسطينية عام 1994، علما ً بأن الصحافيين الفلسطينيين في الداخل والخارج ممثلون في الاتحاد العام للكتاب والصحافيين الفلسطينيين، بصفته الإطار النقابي، إلى أن تم الفصل النهائي بين الكتاب والصحافيين في إطارين نقابتين مستقلتين من حيث الاختصاص والمهمة والعضوية، لتسهيل قيامهما بالواجبات المنوطة بهما.

 

تعاني نقابة الصحافة في فلسطين من تحديات عدة أبرزها الانقسام السياسي بين الضفة الغربية وقطاع غزة، إضافة الى عدم قدرة النقابة ماليا على صنع القرار وتمريره والضغط من أجله، وكذلك عدم قدرتها على حماية الصحافي ومصالحه، بحيث لا تقدم له أي حوافز تشجيعية في أي قطاع كان، وتكتفي بالإجراءات الشكلية.

المغرب

 

تأسست النقابة الوطنية للصحافة المغربية في يناير 1963 كجمعية مهنية مستقلة، وتشمل أدوارها الدفاع عن المهنة وتكريس حرية الصحافة والرأي ومواجهة التضيقات التي تمارس على الصحافيين، كما أنها تهتم بالجوانب المادية ذات الصلة بالعمل الصحافي، مثل مشاكل النشر والتوزيع وتحسين شروط إصدار الصحف.

وهناك حرية في تشكيل النقابات وفق ما ينص عليه الدستور المغربي في الفصل الثامن من الباب الأول : "تساهم المنظمات النقابية للأجراء والغرف المهنية والمنظمات المهنية للمشغلين في الدفاع عن الحقوق والمصالح الاجتماعية والاقتصادية للفئات التي تمثلها وفي النهوض بها. ويتم تأسيسها وممارسة أنشطتها بحرية، في نطاق احترام الدستور والقانون".

ومن جهتها، تعترف "مدونة الشغل" بالحق النقابي وتنظمه، حيث تنص على أهمية التمثيل النقابي، وتخصص حيزا هاما من فصولها لهذا الحق، كما تعتبر النقابات المهنية إطارا أساسيا للدفاع عن المصالح الاقتصادية والاجتماعية والمعنوية والمهنية، الفردية منها والجماعية، للفئات التي تؤطرها.

اليمن

 

تأسست نقابة الصحافيين اليمنيين في عام 1976 بهدف الدفاع عن حقوق الصحافيين وحرية الرأي والتعبير وتضم في عضويتها جميع الصحافيين اليمنيين ممن تنطبق عليهم شروط العضوية،  وتعقد مؤتمرها الانتخابي كل أربع سنوات.

لكن الاداء النقابي لا سيما بعد اندلاع الحرب في اليمن أقل ما يقال عنه انه ضعيف، ولا يقدم أي حماية للصحافيين العاملين في ساحات الصراع منذ سنوات، حيث يقول الصحافي اليمني نجم الدين قاسم لـ" مهارات ماغازين" ان النقابة في اليمن مسلوبة القرار وبسبب الحرب فإنها لا تملك أي تمثيل ومعظم أعضاء النقابة موجودون في الخارج.

كما أن النقابة تمثل وتتعاون فقط مع المنتسبين إليها ولا تتعاون مع الصحافيين المستقلين، ولا يوجد اي تغيير او تداول للسلطة في النقابة.

ليبيا

 

لا توجد نقابة صحافية موحدة في ليبيا بعد ثورة 2011، حيث أثر الانقسام الحالي بإيجاد اجسام صحافية عدة بين طرابلس وبنغازي، ولكنها لا تمثل الدور النقابي المرتبط بحماية الصحافيين، حيث يتعرض الصحافيات والصحافيين في ليبيا للعنف بأشكاله المختلفة منه اللفظي والجسدي وغيرها من الأشكال. وذلك دون حماية تشريعية من البرلمان الذي لم يصدر حتى الآن أي قانون للعمل الصحافي في ليبيا منذ توليه العمل في 2014. ورغم هذه التحديات يحاول الصحافيون العمل الضغط من أجل قانون ينظم العمل الصحافي في ليبيا.

مصر

تأسست نقابة الصحافيين المصريين في 31 مارس من العام 1941 بصدور القانون رقم 10 لسنة 1941 الذي تقدم به رئيس الوزراء المصري الأسبق علي ماهر إلى مجلس النواب، والذي كان يتضمن مشروع إنشاء نقابة للصحافيين في مصر. وقد توج هذا القانون نضال عدد من الآباء المؤسسين لمهنة الصحافة، الذين شكلوا أول نقابة تحت التأسيس في العام 1912، على يد عددًا من أصحاب الصحف القومية.

في العام 1924، صعد الصحافيون المصريون مطالبهم، بطلب إلى رئيس الوزراء حينذاك لإصدار قانون لإنشاء نقابة للصحافيين، وقد عقد الجسم الصحافي سلسلة من الاجتماعات لإعداد مشروع قانون النقابة التي أعلنوا قيامها في نفس العام، قبل أن يصدر في العام 1936 مرسوم باعتماد نظام "جمعية الصحافة"، في عهد وزارة علي ماهر، لكن عدم اعتماد البرلمان لهذا المشروع، حال دون اكتمال الفكرة ودخولها حيز التنفيذ.

تونس

تأسست نقابة الصحافة التونسية في العام 2008. إلا أن العمل الجمعياتي للصحافيين التونسيين يعود إلى الستينات حيث أسسوا عام 1962 أول هيكل لهم هو الرابطة التونسيّة للصحافة التي تحولت عام 1969 إلى جمعية الصحافيين التونسيين. وقد صادق مجلس النواب التونسي على قانون نقابة الصحافة في ايار/مايو 2017.

يسير النقابة مكتب تنفيذي منتخب لمدة ثلاث سنوات ويتكون من تسعة أعضاء على رأسهم رئيس. كما للنقابة مكتب تنفيذي موسع يتركب من أعضاء المكتب التنفيذي ورؤساء الفروع ورؤساء اللجان القارة والأعضاء النواب.

دائماً ما تُقدّم تونس على أنها استثناء عربي بما أنها الدولة الوحيدة التي نجحت في مسار انتقالها السياسي نحو الديمقراطية، إلا أن هذا المسار الناجح توقف مع سيطرة الرئيس التونسي قيس سعيد على مقاليد الحكم وعطل عمل المجلس النيابي والمؤسسات الديمقراطية في آذار/مارس 2022.

وقد عملت النخب السياسية بعد الثورة التونسية في العام 2011، على تعليق المؤسسات السياسية القديمة المرتبطة بالنظام القديم، ومن بينها إلغاء وزارة الإعلام، كإشارة رمزية قوية إلى عمليّة "تحرير" مجال الصحافة والإعلام.

وكبديل عنها، تأسست الهيئة الوطنية لإصلاح الإعلام والاتصال، كهيئة استشارية، كما انشئت بعدها الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري (Haica) التي تعمل على تنظيم الرخص للبثّ الإذاعيّ والتلفزيوني، وتضع المعايير التي تنظم هذه المؤسسات عبر كراسات الشروط.

وقد بالرغم من هذه الأجسام المنظمة للعمل الاعلامي الا ان وجود نقابة الصحافة التونسية ودورها لم يضع، بل بالعكس زاد على مستوى حماية الصحافيين والحفاظ على حرية الرأي والتعبير.

وعلى هذا النحو، فَقَدَت السلطات المنظومة المركزية الرقابية والعقابية التي كانت تستخدمها لبسط نفوذها على الصحافة والصحافيين، والسيطرة من خلالها على وسائل الإعلام. وبالتالي، تعمل الصحافة التونسية وتتشكل من جديد في سياق غير سلطوي، بالرغم من كل التحديات التي تعاني منها حرية الصحافة والتعبير بعد سيطرة الرئيس التونسي قيس سعيّد على الحكم في تونس.