|

شبكات وتجمعات دعم الصحافيين المستقلين... الاعتراف التشريعي وتعزيز الحريات خطوة نحو الحل

يتزايد عدد الصحافيين المستقلين في العالم العربي بشكل كبير، لاسيما بعد أزمة كورونا، التي حولت عددا كبيرا منهم الى صحافيين "فريلانس".

يتزايد عدد الصحافيين المستقلين في العالم العربي بشكل كبير، لاسيما بعد أزمة كورونا، التي حولت عددا كبيرا منهم الى صحافيين "فريلانس".

يواجه هؤلاء الصحافيون تحديات عدة، تبدأ من غياب الحماية القانونية والمهنية، شبكة الأمان الاجتماعي، ضعف الأجور، الخطر الأمني، لا سيما في مناطق النزاعات، التحرش الجنسي الذي تتعرض له الصحافيات، التمييز في الأجور بين الصحافيات والصحافيين، والموروثات الثقافية التي تمنع الصحافيات من ممارسة مهنة الصحافة.

دفعت هذه التحديات بعض الصحافيين ومؤسسات المجتمع المدني الى توفير شبكات وتجمعات دعم للصحافيين والصحافيات المستقلين، لتشكل شبكة أمان ومساحة للتشبيك ورفع صوت تجاه التحديات التي تواجه هذه الفئة من الصحافيين، مثل شبكة الصحافيين السودانيين، تجمع نقابة الصحافة البديلة في لبنان، شبكة الاعلام المجتمعي في الأردن، شبكة "ماري كولفن" للصحافيات، ومنظمة "روري بيك ترست" لدعم الصحافيين المستقلين.

دعم بديل

تقدم الشبكات والتجمعات الصحافية المتخصصة في دعم الصحافيين المستقلين دعما متنوعا. في لبنان، يعمل تجمع نقابة الصحافة البديلة على دعم الصحافيين المستقلين، تقول المنسقة العامة في "تجمع نقابة الصحافة البديلة" إلسي مفرّج لـ "مهارات ماغازين" ان التجمع يساعد الصحافيين المستقلين ولا سيما المصورين والعاملين في الإنتاج الإعلامي، للحصول على حقوقهم من المؤسسات الإعلامية وحمايتهم في حال التعرض لاعتداء. وتأتي هذه المتابعة بالتعاون مع المؤسسات الحقوقية والقانونية في لبنان.

في الأردن، تتعدد نشاطات شبكة الاعلام المجتمعي في دعم الصحافيين المستقلين "الفريلانس"، وتلفت مديرة البرامج في الشبكة عطاف روضان في حديثها لـ"مهارات ماغازين" الى ان هناك تزايدا كبيرافي اعداد الصحافيين "الفريلانس" في الأردن بعد أزمة كورونا. وتوجه عدد كبير منهم الى الشبكة لأنها تعمل في مجال الاعلام ولديها مشاريع غير ربحية.

ووفرت شبكة الاعلام المجتمعي دورات تدريبية في مجالات متنوعة للصحافيين المستقلين بحسب روضان، لمساعدتهم على تطوير خبراتهم ومهاراتهم، من اجل تعزيز حصولهم على فرص عمل. والاهم توفير منبر لهم لرفع الصوت تجاه أي ممارسات حكومية تنتهك الحريات.

في السودان، لا وجود لنقابة الصحافيين بعد ثورة العام 2018، بالرغم من محاولات تشكيل هذا الجسم النقابي المهم. في المقابل، تقوم شبكة الصحافيين السودانيين كجسم بديل في الوقت الحالي بأدوار عدة لدعم الصحافي الحر في السودان.

يؤكد عضو سكرتارية الشبكة محمد الفاتح يوسف نيالا لـ "مهارات ماغازين" ان عددا كبيرا من أعضاء الشبكة هم من الصحافيين المستقلين، حيث تعمل الشبكة على دعمهم من خلال مراقبة الانتهاكات التي ترتكبها السلطات او المؤسسات الصحافية بحقهم. إضافة الى التشبيك مع مجموعة من المحاميين لتقديم الدعم القانوني لهم والمساهمة في تطوير التشريعات التي تحمي الصحافيين.

جهد دولي واقليمي

تتنوع جهود المنظمات الدولية الداعمة للصحافيين والصحافيات المستقلات في العالم العربي، وأبرز هذه الجهود تتمثل في منظمة " روري بيك ترست" وهي مؤسسة غير حكومية تدعم الصحافيين المستقلين وعائلاتهم في الأزمات، تم انشاؤها من قبل أرملة روري بيك أحد الصحافيين المستقلين، الذي قتل بالرصاص لدى قيامه بتغطية صحافية للأزمة الدستورية الروسية عام 1993في موسكو.

في هذا السياق، أكدت مديرة فريق الباحثين في منظمة "روري بيك ترست" أمل العريقي لـ "مهارات ماغازين" ان المنظمة تقدم الدعم للصحافيين المستقلين على أصعدة عدة، أبرزها: تقديم منح مالية للصحافيين المستقلين، عبر صناديق مختلفة مثل صندوق الدعم العام، صندوق المتضررين من كوفيد، وصندوق الدعم القانوني لتوفير الاستشارة القانونية اللازمة للصحافي في حال تعرضه للملاحقة القانونية. وهذه المساعدات تستمر حتى استعادة الصحافي قدرته على العمل مجددا.

الى جانب ذلك، تقوم المنظمة بحسب العريقي بتقديم تدريبات للصحافيين على السلامة الجسدية والنفسية والقانونية.

ويتم اختيار الصحافيين المستقلين المستحقين للدعم من خلال معايير عدة، منها عدم عمله في مؤسسة صحافية بشكل مستمر، ونشاطه الصحافي المستمر.

وتعتبر العريقي ان اختيار دعم الصحافيين المستقلين، يأتي لأنهم أصبحوا فئة كبيرة خصوصا بعد أزمة كورونا، وهم أقل قدرة على الحصول على التدريب، ولا يملكون دعما من مؤسسات إعلامية أو نقابات. ورغم هذه الصعوبات الا انهم يمتلكون القدرة على العمل بشكل مستقل من دون التزام سياسات واجندات إعلامية محددة، مما يساهم على تحرير الفكر النقدي للجمهور.

في المقابل، كان هناك شبكات متخصصة تدعم الصحافيات لا سيما المستقلات، ومنها شبكة "ماري كولفن"، التي تأسست في عام 2016، وبدأت علمها في مختلف البلدان العربية بشكل فعلي واصبحت متواجدة على مواقع التواصل الاجتماعي منذ شباط/ فبراير عام 2020. وتضم الشبكة اليوم أكثر من 220 صحافية من مختلف البلدان.

تقول مديرة ورئيسة تحرير شبكة "ماري كولفن" للصحافيات ديما حمدان لـ "مهارات ماغازين" ان الشبكة التي تضم 230 صحافية من العالم العربي غالبيتهن من الصحافيات المستقلات. حيث، تركز الشبكة على دعم هذه الفئة بشكل فردي عبر توفير مساحة آمنة لهن للحوار وتبادل الافكار والخبرات وتقديم الدعم النفسي، إضافة الى رفع القدرات عبر تقديم ورش عمل متعددة في مختلف المواضيع، منها "صحافة الموبايل" والتحقق من المعلومات.

وتضيف حمدان ان الشبكة ايضاً لديها مجموعة من "المرشدات" اللواتي يقدمن النصائح للصحافيات في عدة مجالات، لا سيما المجال المهني والسلامة الالكترونية والصحة النفسية.

كما تعمل شبكة "ماري كولفن" على التشبيك بين المؤسسات الإعلامية التي تمتلك فرص عمل، وبين الصحافيات "الفريلانس"، والقيام بتجهيزهن للمقابلات عبر برنامج "الارشاد المهني" للشبكة.

مطالب محقة

والجدير ذكره، ان شبكة الصحافيين السودانيين تسعى عبر مناقشة قانون الاعلام الجديد في السودان الى فرض ذكر الصحافي الحر وحقوقه في الحماية والوصول الى المعلومات في النص القانوني. والقانون الجديد يشهد تقدما في مجال حقوق الصحافي الحر على عكس القانون السابق في حقبة الرئيس السوداني الأسبق عمر البشير، الذي يعطي مشروعية فقط للصحافي الذي يعمل بشكل دائم في مؤسسة إعلامية، وفي حال مغادرتها لن يتمكن من القيام بمهامه.

تتفق مديرة فريق الباحثين في "روري بيك ترست" أمل العريقي مع جميع ما سبق من مطالب مهمة للصحافيين المستقلين، لكنها تؤكد على ضرورة تيسير عملهم من قبل المؤسسات الإعلامية التي تكلفهم بمهام صحافية، عبر منحهم بطاقات صحافية تمكنهم من العمل على الأرض. وتوفير أدوات الحماية الجسدية للصحافي المستقل في مناطق النزاعات.

في حين، ترى مديرة شبكة "ماري كولفن" ديما حمدان ان المطلب الأبرز هو توفير مناخ من حرية التعبير والكلمة والصحافة التي تعتبر سبيلا لتشكيل نقابات مهنية تحمي الصحافيات المستقلات وتراعي ذلك في التشريعات الموضوعة والمرتبطة بحرية الاعلام.

تتعدد المطالب الأساسية للشبكات والتجمعات الصحافية الداعمة للصحافيين المستقلين، لكن أبرزها يمكن في الحاجة الى الاعتراف القانوني والتشريعي بهذا النوع من الصحافيين كحل لتوفير الدعم والحماية وتسهيل العمل، لا سيما ان هذه الفئة من الصحافيين تزداد بشكل متسارع تبعا للأزمات التي يعاني منها الاعلام في العالم العربي.

تعتبر مفرّج ان تأمين شبكة حماية اجتماعية هو المطلب الأهم بالنسبة للصحافيين بشكل عام والصحافيين المستقلين بشكل خاص، إضافة الى توفير الحماية الأمنية والحماية على صعيد حرية التعبير، إضافة الى أهمية وجود جسم نقابي يستقبل الصحافيين ويقدم الحماية لهم.

وشددت روضان على ان شبكة الاعلام المجتمعي طالبت السلطات الأردنية انشاء صندوق لدعم المحتوى الذي ينتجه الصحافي الحر والاعلام المستقل، لأنه سيساهم في تخفيف البطالة لدى الصحافيين الشباب، الذين يعمل أغلبهم بشكل حر، كما ويساهم في رفع مستوى الاعلام المستقل.

كما يجب ان يتم تفعيل المسؤولية المجتمعية للمؤسسات الإعلامية المحلية في توفير فرص لهؤلاء الصحافيين، إضافة الى أهمية دعم المؤسسات الصحافية الدولية ريادة الاعمال الإعلامية من اجل توفير فرص في قطاع الاعلام.